مقالات

د. خالد سعيد يكتب: أبه تغترون أم عليه تفترون!

يمكن لأي أحد أن يخطئ والمهم أن يستفيق من غفلته فيتوب، وإن كان في شأن عام فيصلح ويبين،

وأشد ما تكون الأوبة والرجوع لأولئك المتصدرين، فإنهم يأخذهم الكبر وحب المكانة في الناس والعلو في الأرض:

فربما كابر أحدهم في خطأ ولوكان فيه هلكته أوهلاك فئام من الناس؛

كان ذلك منه رأياً يقنعون به أو فعلاً يتبعونه عليه أو قولاً يطيعونه فيه.

وإن افتضح ذلك الأمر؛ فربما زعم أنه عين الخير وبؤبؤ الحكمة، فيقلب الحق باطلاً.

فإن زاد الأمر اشتهاراً حتى ظنه يذهب “بمكانته” وهو الذي كاد يتأله في نفسه أوفي بعض “أحباشه وأوباشه”؛

كذب وزعم أنه ليس منه ولا يعرف شيئاً عنه، وهو الذي كان يفاخر به، بل وأشهد الله على نفسه أنه لم يفعل،

وهذه طريقة إبليسية تكاد تذهب بالإيمان بالكلية لما فيها من استهانة بمقام الله، وتسفيه لشهادته، وتكذيب لعلمه وسمعه وبصره!

وفي أمثال هؤلاء يقول المولى ﷻ: (ومن الناس من يعجبك قولُه في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدُّ الخصام).

فكيف وقد أشهدوا الله وأين يذهبون!

فإن اجتمع عليهم افتضاح الخطأ والكذب في نفيه عن أنفسهم؛ إذ هو ألصق من جلودهم بهم،

ابتغوا العنت للبرآء فكذبوا عليهم واتهموهم بإلصاق المعايب بهم قسراً، وفي أمثالهم يقول الله تعالى:

(ومن يكسب خطيئةً أو إثماً ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً).

فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه

وقد نعى الله على بعض من كذبوا على رسول الله ﷺ ليستروا خطاياهم، وحلفوا بالله ﷻ واستشهدوه على صدقهم، فقال الله فيهم:

(فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون)، لاستهانتهم بشهود الله.

وكان يكفيهم أن يقروا بالخطأ ويعتذروا عنه، إذاً لكبروا في عين الكبار، أو أن يسكتوا ففي السكوت منجاة.

أكل هذه المهالك لكي تبقى مكانتكم في الناس، وابتغاء العلو في الأرض،

أليس في كل هذا التأله محادة لألوهية الله حتى حملهم ذلك على تعدي مقامه ﷻ وجعله أهون الشاهدين عليهم!

ومعهم في الإثم سواء أولئك الذين يجادلون عنهم بدلاً من أن يناصحوهم فيردوهم عن غيهم إن كانوا محبين لهم، وإلا فهم ممن قال الله فيهم:

(وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون)،

وقد أمرنا الله وأمرهم ألا نجادل عن أولئك الذين يختانون أنفسهم، وألا نكون للخائنين خصيماً، ويوم القيامة يكون بعض الأخلاء عدواً لبعض.

وأما نحن فنرجو أن نكون ممن يعرضون عن أولئك ويعظونهم ويقولون لهم في أنفسهم قولاً بليغاً.

د. خالد سعيد

أحد أبناء الحركة الإسلامية - مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى