د. خالد سعيد يكتب: ادخلوا عليهم الباب
إن الذي صنع مجد الإسلام هم أولئك الرجال العظام الذين واجهوا الجاهلية وكسروا معها كل الحدود،
ولا يدرك متطلبات تلك المواجهة إلا الذين خاضوا غمارها في كل العصور والأمصار من أجل مبدأ وقضية.
فلا يخوض المستضعفون تلك المخاضة والصراع غير المتكافئ في مواجهة المستكبرين؛
إلا رجال هانت في أعينهم الحياة من أجل شيء أسمى وأقدس، سواء كالعقيدة والوطن والمبدأ والكرامة.
والقرآن ملئ بالحض على مواجهة المستكبرين في الأرض بغير الحق،
كما أنه لا يفتأ يعزي أولئك الذين سيتحملون عبء تلك المواجهة وهم يتغنون:
(كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين).
وحين ترى فعل أولئك الرجال تفهم أنهم فقهوا هذه المعاني، وعرفوا جيداً حجم التضحيات التي ستصيبهم،
كما تعي تلك الحالة النفسية السقيمة والمتخاذلة والجبانة،
التي تصم أولئك الأبطال بالغرور: (غر هؤلاء دينهم)، أو بأنهم هم من أهلكوا أنفسهم وقومهم: (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا).
ومبعث تلك الحالة النفسية هو الحقد على تلك الفئة المؤمنة، وعدم رجاء الخير لها،
ولو كان هذا الفعل البطولي من بعض أوليائهم لهللوا له،
وحاشاهم وأشباههم أن يكونوا من أهل البطولات، فلا يمكن لأولئك الجبناء أن يصنعوا المجد، ولا هم من أهله،
بل هم من أهل الخسة والتثبيط وهم الذين قال الله فيهم: (قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا).