د. خالد سعيد يكتب: الحقيقية الشرعية هي الحنكة السياسية
قرأت كلاماً للأستاذ جمال سلطان يستنكر فيه على من أسماهم قطاعاً من الإسلاميين شماتتهم في معاناة الشعب، ويقول: أن هذا انتحار سياسي، استهتار أخلاقي، ينزع شرعية الحديث عن الشعب، يضعهم في موضع الخصومة معه، إفلاس وعدمية تخدم النظام القائم!
واحتفي بكلامه المهندس نجيب ساويرس بل «وسلم فمه»، وأكد أن خلافه مع أولئك الإسلاميين انفصالهم عن هذا الشعب طول عمرهم وهذا سر خلافه معهم.
ونسج على منواله وكل من غرباله؛ أحمد موسى وحسام الغمري، وأولاد غية كثيرون وقوم آخرون!
وأقول لمن له الاعتبار عندي -وهو هنا الأستاذ جمال سلطان شخصياً؛ رويدك يا أستاذ جمال الهوينى قليلاً، وأذكر كلاماً للأستاذ ممدوح إسماعيل في بداية التسعينات، في حوار معه بالأهرام المصرية عقب خروجه من السجن بفترة، حيث اعترض الصحفي على كلام له بما يعارضه من كلام الأستاذ جمال، فكان رد الأستاذ ممدوح: «أن من كان جزءً من الحركة الإسلامية -مثله- ليس كمن يكتب عنها».
وأقول للأستاذ جمال: إن الله ﷻ في عليائه نعى على أعدائه بما فسقوا وأفسدوا في الأرض وحادوا رسله والمؤمنين بهم، وذكرهم بأن ما يصيبهم من خوف وجوع وبلاء هو من شؤم أفعالهم الخبيثة، فهل كان الله يعيرهم وينحر دينه نحراً سياسياً!
وهل عير وشمت ذلك «القطاع من الإسلاميين» عموم الشعب كلهم جميعاً بما فيهم أنصارهم وأهليهم وأحبابهم والطيبين منهم ومن لا جرم لهم، أم عيروا فئة مجرمة فاسقة متصهينة كالنظام الذي أيدته والرئيس الذي طلبته!
هل ذلك القطاع هو من اتخذ من أسميتهم «الشعب» خصوماً وأعداءً، أم أولئك المجرمون الفسقة هم من انساقوا خلف إعلام أبي ابن سلول وأبي جهل وأمية بن خلف؛ في أتباع محمد بن عبد الله ﷺ، ورقصوا وصفقوا وهللوا ولبسوا الأحذية في رؤوسهم والخوازيق في عقولهم، وسلموا الأيادي النجسة الملوثة بدماء الموحدين!
أليس قد كان هؤلاء الإسلاميون -وكنا ونحن منهم- نطعم أولئك الرخصان من أموال الزكوات والصدقات التي تخرج من جيوبنا وجيوب أهلينا -قبل أن يلعوننا ويلعنونهم ويقتلوننا ويقتلونهم- وما كان ذلك إلا لوجه الله لا نريد منهم جزاءً ولا شكوراً، فذبحونا في الشوارع، واستبشروا بسجننا وتشريدنا وما أصاب أهلنا!
أنا لم أتشمت بأحد ولم أك من هذا «القطاع» وكانت لي مؤاخذات مرئية ومكتوبة على الإخوان و د. مرسي رحمه الله، لكنني ابن هذه الحركة وتلك الفرقة، وانحيازي لها كامل وعلى الجملة كانحياز المتعصب، ذلك أنها طليعة المسلمين وفئة الشريعة، وملاك الحقيقة.
ونصيحتي لك -مع الأسف- وكنت أحرى أن تناصحني؛ ألا ننجرف بالرأي الشخصي والتحليل السياسي والفكر الإنساني أو المصلحة الواقعية؛ عن الأصل الشرعي والتقييم السليم وقد تعلمت منك بعض ذلك في كتب قديمة لعلك لا تحب أن أذكرها الآن.
إن شعب مصر هم أهلنا وناسنا ولحمنا ودمنا بكل أطيافه، ولكن نقول: نعم إن منه فئة مجرمة، ونعم أيدوا قتلنا في الشوارع، ونعم يستحقون عقاب الله ونقمته وكل ما يحل بالبلد والشعب هو منهم وبجريرة أعمالهم القبيحة، ونعم إن مكننا الله منهم فلابد أن يعاقبوا.
إن هؤلاء لا تقودهم إلا القوة مع الحق كما قادتهم مع الباطل، ولن ينساقوا بالحب العذري ولا الحنكة السياسية، بل ولا حتى المصلحة الدنيوية، وأي محاولة ديمقراطية رقمية فارغة لن يذعنوا لها، فهم حمير الطغاة ولاعقي أحذيتهم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
قال الله ﷻ: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون)