الخميس سبتمبر 12, 2024
مقالات

د. خالد سعيد يكتب: سيد قطب الصامت الصامد

تُرى ما السر في غيظ الجاهلية المعاصرة بجميع أذنابها من العرب والعجم من رجل تمكن أحد أذرعهم وبعض توابعهم من قتله بالفعل منذ ثمانية وخمسين سنة!

ولماذا ما تزال حتى اليوم تجند ضده الأقلام المأجورة وتهلوس بسيرته في إفرازاتها “الفنية” العفنة!

لعل من أهم وأخطر ما فعل سيد قطب هو طعن الجاهلية في خاصرتها فمازالت تدمى منه إلى اليوم أعقابها، نعم لقد كشفها سيد قطب وعراها، إذ استدعى اسمها ووصفها القديم من أعماق التاريخ، من هناك حيث حصار الشعب والقتل والعذابات الرهيبة للفئة المؤمنة بمكة.

بعدما استخفت عقوداً وقروناً وائتزرت بلباس الإسلام زوراً، وبعدما استترت في أدخنة البخور وتدسست في زحام الحضرات، لكي لا تتبدى هيئتها القبيحة، ولا تظهر سوءتها الخسيسة، ولا تتأكد عبوديتها لهبل ورضاعها من اللات وفاحشتها مع العزى.

نعم فضحها سيد قطب وأظهر ترديها في جب الخنا والفساد، وتلبسها بالعمالة والارتزاق.

نعم كان سيد قطب سيداً بحق، عليه بهاءٌ من صعيدٍ وسمرة، فهو الأديب والمفكر الذي أنتجته دار العلوم كعادتها ولكنه أحد أخطر إبداعاتها على الإطلاق.

أدرك ذلك الصعيدي الداهية مبكراً أن أمضى أسلحته هي الكلمة، وأن صمته الصامد في العذابات والآلام؛ سوف يكون هو سيفه الماضي الذي يقطع أعناق الجاهلية، وصوته الصاخب الذي يصم آذانها، وأنه سيبقى أمثولة البطولة لكل الأجيال القادمة لتنتشر صحوة عارمة على مدى أكثر من نصف قرن في كل دول المنطقة وبقاع العالم؛ لتصنع السادس من أكتوبر ٨١، والحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١، والسابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وغيرها مما هو قادم.

ولتبق الجاهلية في غيها كالذي يتخبطه الشيطان من المس، فكلما حاولت إيضاح “حقيقة” سيد قطب من وجهة نظرها، ظهرت الحقيقة ذاتها، كشارب ماء البحر كلما عبَّ منه ازداد عطشاً، وكلما غبَّ من دماء سيد زاد سيد قوة وأفكاره انتشاراً.

Please follow and like us:
د. خالد سعيد
أحد أبناء الحركة الإسلامية - مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب