مقالات

د. خالد سعيد يكتب: صفحات من التاريخ لا تطوى

توفي بالأمس فضيلة الشيخ الكريم د. جمال عبد الهادي مسعود العالم الزاهد المعمر في نصرة الحق والولاء للشريعة.

اشتهر الشيخ قديماً بسلسلته التاريخية «الطريق إلى بيت المقدس»، وهي القضية المحورية في كثير من خطبة ومحاضراته، بالإضافة إلى تنقيح التاريخ من الأكاذيب التي سيقت عن الخلافة العثمانية، وغيرها من القضايا الهامة في تاريخ أمتنا؛ وهو الذي عاش محباً وموالياً لها طوال حياته.

حضرت لفضيلته عشرات -وربما أكثر- من الخطب والمحاضرات، وأذكر مرة أنني ذهبت وصديق لسؤاله عن مسألة في قضية تحكيم الشريعة، وكنا إذ ذاك طلاباً في الجامعة؛ فرد علينا رداً وافياً بأدلة غاية في القوة، فلما هممنا بالانصراف نادانا وقال: لقد سألتموني عن قضية الشريعة، وإني لأتوسم فيكما أن تكونا من أنصارها ورجالها، ثم دعا لنا كثيراً رحمه الله.

وقد جمعتني بالشيخ لقاءات كثيرة بعد ذلك خاصة بعد ثورة يناير، وكان كما عهدته دوماً؛ كثير الصمت واضح الهم لا تهمة الصدارة كغيره رغم أن هيئته وهيبته تجعلانه دوماً في صدارة المجالس ومقدمة الصفوف، فإذا تكلم كان لسان الشريعة الناطق، في غير نزق ولا مجازفات كلامية، مع عاطفة واضحة مشبوبة لا تخطئها الأذن ولا ينكرها القلب.

وأهم هذه اللقاءات لقاءان لا أنساهما؛ الأول:

كان ضمن لجنة منقاشة مسودة الدستور، وكان منظم اللجنة والمناقش هو أستاذنا الدكتور المحترم محمد البلتاجي.

والثاني: كان في آخر اجتماع بالدكتور محمد مرسي – رحمه الله – بقصر الاتحادية قبل الانقلاب العسكري بشهر واحد.

وكانت كلمتي الدكتور جمال عبد الهادي مسعود كالعادة من أفضل ما قيل وأكثره تركيزاً وتأثيراً.

واليوم يموت هذا الرجل العزيز على نفوسنا، والذي أثبت أن بعض صفحات التاريخ لا تطوى، وله البشرى فقد أنتج جهده وترك من خلفه الآلاف من أنصار الشريعة، والسائرين على دربه إلى بيت المقدس.

د. خالد سعيد

أحد أبناء الحركة الإسلامية - مصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى