مقالات

د. خالد سعيد يكتب: فساد رأي بعض العلماء في السياسة

منشأ اقتحام بعض الشيوخ للسياسة والكلام فيما لا يحسنون والخروج على الناس بفتاوى وبلاوى ما أنزل الله بها من سلطان جاء من جهتين:

الجهة الأولى:

 فكرة عدم فصل السياسة عن الدين، حيث لم يفرق العقل الجمعي للإسلاميين بين عدم الفصل اعتقاداً واهتماماً ومواجهة -وهذا مما لا يجوز الفصل فيه بكل تأكيد- وبين عدم التأهل للتعامل مع الشأن العام ومعتركات السياسة، ومظنة إحسان كل شيء لمجرد اشتغاله بالعلم الشرعي.

والجهة الثانية:

الاستعلاء على الأمة التي صنعتهم وقبلتهم وبوأتهم هذا المنصب، وعدم اعتبار رأي جماهير الأمة ولو تظاهرت على رأي واحد، وقد جرت العادة أنه ما وقعت هذه المفارقة الحادة؛ إلا كان رأي العموم هو الصواب.

قليل من التأهيل، وقليل من التواضع، وكثير من الشجاعة والتضحية، كل ذلك كفيل أن يجعل الرجل عالماً عاملاً فاهماً، للواقع ومؤهلاً للفتوى في أمور الأمة وسياستها.

وأتحدث هنا عن البعض فقط، وإلا فمن أهل العلم من خاض غمار السياسة والعمل والنصرة والتضحية لهذه الأمة.

سؤالان غاية في الوعي والفهم والتميز حول السطور السابقة:

السؤال: في الفقرة الأولى

لا يجوز فصل السياسة عن الدين اعتقاداً واهتماماً ومواجهة

وعدم التأهل للتعامل مع الشأن العام ومعتركات السياسية

هل نفهم أنه لا يجوز الفصل في المنهج، بينما يجوز الفصل في الأشخاص المتدينين (حملة المنهج) الغير متأهلين؟

وسؤال ثاني وهو هل يجوز لولي الأمر مثلاً أن يلقي بتصريحات وربما أفعال تخالف أقوال الفقيه إذا كانت للمصلحة العامة ومن باب السياسة؟

وجوابي على السؤالين:

إجابة السؤال الأول:

هذا فصل متوهم، فطالما اعتقد عدم انفكاك السياسة عن الدين فهو متلبس بالوصل لا بالفصل.

وكلامي هو دعوة لأهل العلم إلى التأهل والتخصص في أبواب السياسة المختلفة إن أرادوا الاشتغال بها أو الفتوى فيها، ونعي على من تحدث في غير فنه، وهذا عين العقل ومقتضى الشرع.

فإن تأهل العالم فبها، وإلا سلم لرأي المتخصصين من أهل هذا الدين، وبهذا فهو لم يفصل عملياً كما توهمت من المكتوب.

إجابة السؤال الثاني:

إذا كان ولي الأمر مؤهلاً ومتخصصاً في السياسة الشرعية؛ بحكم الدراسة أو الخبرة وشهادة عصبته من أهل السياسة أو العسكر أو أهل الحل والعقد من العلماء المتبوعين والأمراء المطاعين، أو نحو ذلك؛ فنعم يجوز وإن كانت الشورى أمر مهم، وسؤالك هذا يدخل تحت الخلاف الفقهي: هل رأي الشورى مُعلم أم ملزم!

بمعنى هل هو قرار واجب على الحاكم تنفيذه، أم معلم له فقط كاستشارة والقرار له ولو خالف الشورى.

وقد قرر سيدنا أبو بكر خليفة رسول الله ﷺ قتال المرتدين رغم خلاف الصحابة له، ومضى رأيه وكان هو الصواب والله أعلم.

وقد تجتمع الحالتين العلم والسياسة كحالة سيدنا أبي بكر رضي الله عنه، وقد تفترق كغيره من ملوك الإسلام فيما بعد، والمسألة خلافية على أي حال.

د. خالد سعيد

أحد أبناء الحركة الإسلامية - مصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى