مقالات

د. خالد سعيد يكتب: قف شامخاً مثل المآذن طولاً

وفاة الشيخ المفوه الكبير والداعية المربي العتيق؛ أحمد المحلاوي عن مائة عام إلا قليلاً، مائة عام من الدعوة وفعل الخيرات، والجهاد بالقرآن، مائة عام وما سئم ولا سئمنا.

الشيخ الذي جعل الله له كرامة شهدها العالم، إذ ذكره رأس السلطة في مصر مطلع الثمانينات على الهواء؛ بقوله: “أهو مرمي في السجن زي الكلب”، ذلك لمعارضته لاتفاقية العار في كامب دافيد وأمور أخرى.

ويومها هب والدي رحمه الله غاضباً لله -وكان هبوباً إذا غضب- وكان يستمع للخطاب في البي بي سي، وهو يقول عن السادات: سيقتل هذا الكلب قريباً لتجرئه على علماء المسلمين”، وقد كان؛ فصدق الله ظنه بعدها بشهر واحد، ورآه العالم أجمع مجندلاً عند المنصة.

وبعدها بسنوات خطب الشيخ خطبة في مجمع الإيمان بالمنصورة أوائل التسعينيات، فذكر رؤيا رآها للنبي ﷺ يسأله فيها عن حال المسلمين ومآسيهم وما أصابهم في كل مكان، فقال: يا رسول الله ﷺ متى نصر الله!

قال رحمه الله: فرد علي النبي ﷺ أنكم تنصرون حين يكون فيكم مؤمنون كعدد أهل بدر، وليس فيكم مثلهم اليوم سوى ثلاثة عشر!

قال الشيخ: وهل أنا منهم يا رسول الله؟ فأجابه ﷺ: أنت من الإخوان المسلمين”.

فبكى الشيخ بكاءً شديداً وما استطاع إكمال خطبته ونزل من على المنبر رحمه الله.

ثم شرفني الله بأن جمعني معه بعد ثورة يناير على منصة واحدة بالإسكندرية في مؤتمر تأييد ونصرة للشيخ حازم أبو إسماعيل، وشرف المنصة أيضاً شيخنا العلامة عبد المجيد الشاذلي رحمهما الله جميعاً، وذلك في يوم من لي بمثله بمالي وما أملك، وقد كنت أصغر القوم وأقلهم شأناً، لكنه الدهر يرفع من كانوا يوماً صغاراً فيحاذون -ولو في الصورة- من كانوا يعدونهم جبالاً على منصة واحدة!

ثم حوصر الشيخ وأوذي في مسجده بالقائد إبراهيم من قبل عصابات بلطجية النظام المجرم، ومنع بعدها من الخطابة وهي كل ما يملك؛ وذلك لاستمراره في نصرة الحق والوقوف في وجوه الظالمين ليسوءهم الله به ويسوء وجوههم القبيحة.

رحمة الله على سيد الثغر وإمام منبره الذي لم يك بدعاً من علماء ودعاة أهل مصر، بل كان رجلاً منهم ومن ساداتهم، وأحد مآذن أزهرها وأعواد منابرها، التي انهدمت بموت إبراهيم عزت وعبد الحميد كشك وعمر عبد الرحمن وفوزي السعيد وآخرين نعرفهم وتعرفهم مصر والعالم أجمع، فسلام الله عليهم ورحمته وبركاته.

د. خالد سعيد

أحد أبناء الحركة الإسلامية - مصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى