مقالات

د. خالد سعيد يكتب: كل فعل فذ يبدو في أوله مجافياً للصواب

هكذا انطلقت الرسالة بهذا الفرد ضد العالم أن قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، حتى قالوا مجنون!

ذلك أن العاقل في بداءة العقول وبداهتها “وبلاهتها” أحياناً؛ لا يقف أمام العالم وحده،

لكن أعقل العقلاء ﷺ يواجهه ولو اجتمعت معه بقية العوالم ليحقق رسالته السامقة السامية ويقيم شرعاً يحقق الغرض الذي من أجله خلقت العوالم والكائنات.

هكذا خرج موسى ﷺ و- نبينا – بالجموع اليعقوبية المضطهدة ليخوض بهم البحر بلا سفينة وجيوش الفرعون تكاد تغشاهم فلا يظهرون تحت حوافر خيولها وعجلاتها.

وهكذا ألقى إبراهيم نفسه في النار بأفعاله، فما جدوى الفأس في الصنم، وما الداعي لتسفيه عشتار وعبادة النجوم، ولماذا يواجه أعتى طغاة العالم النمروذ!

وهكذا خرجت عصبة مؤتة من الشباب وفيهم مولى رسول الله ﷺ وأخوه جعفر وشاعره بن رواحة، وكيف يتصور ثلاثة آلاف مواجهة عشرات الآلاف [ابن اسحاق ٢٠٠ ألفاً – الواقدي ١٠٠ ألفاً] وفيه نظر.

وهكذا ضرب الطوفان فأغرق ودمر أعداء الله يوم فار من تنور غــ𓂆ـــز ة، لتعود الأرض نظيفة كما كانت.

إن الفرق بين أولئك الذي يستقلون تلك التضحيات الجسام وينظرون إلى أهدافها العظام، وبين الذين يتباكون ويتحسرون على الأموال والدور والشهداء؛ هو نفس الفرق بين الذين يريدون الحياة الدنيا والذين يريدون الدار الآخرة.

وإن الضابط الحقيقي لحركة أولئك الرجال من صناع التاريخ وأبطال التحرير؛ هو موافقة الشرع ونبل الغاية ووسع الإعداد.

وإن كل فعل فذ يبدو في أوله لمحدودي الهمم، وبسطاء الأهداف مجافياً للصواب، حتى لربما سبقهم أولئك الأولون المفردون بثلاثمائة عام كما فعل أصحاب الكهف في سبقهم لقومهم أو يزيدون.

د. خالد سعيد

أحد أبناء الحركة الإسلامية - مصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights