د. خالد سعيد يكتب: ولا تكن للخائنين خصيماً
طروحات سياسية يتزعمها بعض ذوي العقول والملكات، ممن هم مظنة أن يكونوا أولي الحجا في الملمات، محصولها هو الذب عن النظام، وإطالة أمده والمد في عمره، بل يجعل أحد هؤلاء من نفسه وجاءً للخائنين يجادل عنهم ويكون لهم خصيماً ضد أعدائهم، ولو لم يقصد أو يدري، لكنه العقل إن شط به الهوى، والنفس إن زاغت بها الرغائب.
وكنت قد عنونت مقالتي هذه البسيطة بعنوان حاد، ثم سألت نفسي: وما جدوى هذا! وليس مرادي هلكة القوم، ولا ترديهم في الغي أو تماديهم في الخطأ، وإنما واجب النصح، وإن أوبتهم إلى الحق؛ لهي خير لنا ولهم من إيغالهم في الباطل.
أحدهم وهو خبير في الخداع الاستراتيجي يرى أن التهييج ضد النظام الآن هو حماقة وصبيانية، لأنه سيوقع البلد كلها في المصيدة التي نصبها الكيان للدولة والنظام، علماً أن أحد مؤهلات النظام للوصول للحكم بل والبقاء فيه؛ هو تقديم التطمينات لهذا الكيان وتعهده بأمن وسلامة مواطنيه، ثم حصار القطاع وأخيراً تسليم محور صلاح الدين “فلادلفيا” إليهم في خيانة لا مثيل لها تاريخياً منذ كامب دافيد!
وهكذا ترى أن السكوت على هذا النظام والزعم بأن الوقوف في صفه -ولو بالسكوت- “من أجل مصلحة البلد” هو حول عقلي واضطراب نفسي وفكري، فضلاً عن كونه خطيئة سياسية وسقطة تاريخية.
والآخر وهو كاتب صحفي يرى أن ما أسماه شماتة بعض الإسلاميين في معاناة من أسماهم الشعب هو “انتحار سياسي”، والحقيقة أن تذكير أنصار النظام “الفسقة” بوبال ما صنعوا؛ ليس شماتة وإن كان كذلك فهو معاملة بالمثل.
كما أن تأييد أولئك الأبعدين للنظام وإسقاط سابقه؛ كان على خلفية نفس الأزمات بعينها وأنه جاء منقذاً للبلد من تلك المهالك، ثم تفاقمت رغم مليارات تقاضاها باع بها البلد وارتهنها بيد كل لص ومرابي وقواد!
فكيف يكون الوقوف على نفس تلك المعاناة وتذكير أولئك الخزايا المحزونين بأنهم أرادوا هذا الشيطان ورفضوا “بتاع قال الله وقال الرسول”؛ خوفاً من بيع البلد ولأزمات كانت مصطنعة يومها لكنها صارت كلها اليوم حقيقة!
وآخر كان يرى أن مشاريع الأمن الغذائي التي وفرها النظام للشعب هي بغية الكمال، وأنها ستطعمهم من جوع وتؤمنهم من خوف، علماً أنها ككل شيء في البلد تمت مصادرته لحساب الجيش، فهي مشاريع خاصة باقتصاد الجيش لا اقتصادنا نحن كمصريين، فكل عوائدها تصب في جيوب الجنرالات، وهذا يعرفه كل مواطن مصري، ولو كان الجميع مخطئون فسل نفسك: كم صار سعر اللحوم والأسماك اليوم، وما هدف أو قيمة أي مشروع إن لم يحقق نوعاً من الاكتفاء والرحمة بالناس!
خلاصة ما أريد الوصول إليه: هو نصح نفسي وإخواني أن ينظر كل منا أين مواطئ أقدامه، ومع أي الفريقين هو، ألا ينحاز لأعداء الله والأمة خوفاً أو طمعاً.
كما لا يجرمنكم شنئان الإخوان، ومخافة أو “معابة” أن تتهموا بالانحياز إليهم إن أنتم وافقتموهم في أمر أو بعض أمر؛ أن تلقوا بأنفسكم في خضم الأخرى، تغرة أن تخونوا الأمة أو تضلوا عن حق الملة، وهي لعمر الله المهلكة.