د. خالد سعيد يكتب: يا أهل تيماء وافوا الهارب بخبزه

عند مطلع كل عام هجري جديد؛ تهفو القلوب المؤمنة لهذه الذكرى المجلجلة.
فها هو الرجل المتعب والمثقل يصل أخيراً يعلوه البهاء، وتحدوه الهمة، شديد الشكيمة؛ جلد العود، أزهر الصبا؛ وأخيراً يصل الظامئ لمرواه، ومستظله الأخير، وصاحبه المنهك معه.
ها هم القوم قد خرجوا عن بكرة أبيهم برجالهم ونسائهم وعيالهم، مؤمنهم وكافرهم يستطلعون البدر في ثنيات الوداع، قمر أبيض أشرق، ومطلعه من جهة الجنوب عند الحرة السوداء.
ليسوا قومه ولا عشيرته، لكنهم ارتقبوه وأحبوه وعاهدوا الله لينصرنه ولو بعد حين، نعم لقد أخرجته قريش -وما أقسى قريش- وأراد إخوته أن يثبتوه أو يقتلوه، فأراد الله أن يخرجه من بين قلوبهم الصلدة وهي أشد قساوة من صخور البلدة المباركة.
وتحية وفاء لثاني اثنين إذ هما في الغار، فما تنزل وحي إلا كان مع رسول الله ﷺ في بركته ونوره، ولفتة إعجاب إلى العقل الواعي والذكاء الوقاد، إلى فتى قريش وعبقري الحكم والإدارة صاحب التأريخ والديوان، وسلام على السادة الأول أفئدة الطير من كل غريب ومهاجر مع رسول الله ﷺ، وعلى آل بيت عليهم بهاء من علي وحمزة وجعفر الطيار وابن بيت النبوة.
وإذ نذكر المهاجرة فلا والله لا ننسى المناصرة، فدين في عنق كل مسلم؛ أن يشكر الأنصار ويدعو لهم، فاللهم اغفر للأنصار وبارك في أعقابهم وذراريهم إلى يوم الدين.
وفي ذكرى الهجرة حق على كل مسلم أن يرفع شعار: (إني مهاجر إلى ربي)، وسلام على سيد المهاجرين ﷺ.