مقالات

د. ربيع الزواوي يكتب: في رحاب لفظ «بئيس» من سورة الأعراف

سبحان مَن هذا كلامه!

في قول الله تعالى في سورة الأعراف: {فلمّا نَسُوا ما ذُكِّروا به أنجينا الذين يَنْهَون عن السُّوء وأخذنا الذين ظلموا بعذابٍ بَئِيسٍ بما كانوا يَفسُقون}.

ومعنى (بئيس) أي: شديد؛ على وزن فعيل؛ من بَؤُس يبؤُس بَأسا، إذا اشتدّ.

ويحضرني الساعة في هذا اللفظ الكريم وحده ثماني قراءات؛ أربع منهن متواترة، وأربع غير متواترة.

فأما الأربع المتواترة فكما يلي:

– بَئِيسٍ: وهي قراءة ابن كثير المكي، وأبي عمرو البصري، وعاصم (بخُلْفٍ عن شعبة) وحمزة، ويعقوب، وخلف العاشر.

– بِيسٍ: بكسر الباء وقلب الهمزة ياء كـ ذِيبٍ؛ وهي قراءة نافع وأبي جعفر.

– بِئْسٍ: بكسر الباء وسكون الهمزة؛ وهي قراءة ابن عامر.

– بَيْئَسٍ: على وزن فَيْعَل كـ ضَيْغَم؛ وهي لشُعبة في الوجه الثاني له. وعزاها ابن خالويه في المختصر لعاصم، وعزاها ابن جني في المحتسب لطلحة ابن مُصَرَّف.

وأما الأربع غير المتواترة؛ فكما يلي:

– بَيِّسٍ: بقلب الهمزة ياءً ثم إدغامها على وزن رَيِّس؛ وهي قراءة نصر بن عاصم؛ نسبها له ابن جني في المحتسب وصاحب البحر المحيط والمحرر الوجيز.

– بَئِسٍ: على وزن حَذِرٍ؛ وهي قراءة زيد بن ثابت رضي الله عنه، وأبي عبد الرحمن السلمي، وطلحة بن مُصَرِّف.

– بَيْسٍ: بالتخفيف كـ هَيْنٍ؛ وهي قراءة الحسن، وخارجة عن نافع خلافًا للمتواتر عن نافع.

– بَائِسٍ: وهي قراءة أبي رجاء؛ نسبها له ابن جني في المحتسب وأبو حيّان في البحر المحيط.

وهذا ما يحضرني في ساعتي هذه، وإلّا فقد اعتنى أبو حيان في البحر المحيط بهذا اللفظ الكريم من هذه السورة الكريمة؛ فجمع ما رُوي فيه من قراءات فبلغت اثنتين وعشرين قراءة، وشرحها.. ولعَلّي في مرّة قادمة أتعرّض لها؛ إذا شاء الله وفسح في العمر.

وإني لأعجب وأسأل نفسي؛ كيف يكون كل ذلك في لفظ واحد؟ فسبحان مَن هذا كلامه؛ كلامه الذي جلّ فوق كل كلام، وتقدّس عن كلام الأنام، وعظم عن أن تحيط به الأفهام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى