مقالات

د. ربيع عبد الرؤوف الزواوي يكتب: نمت ليلتي مغمومًا

خاطرة قليلة الفائدة وثرثرة قليلة الغَناء

نمت ليلتي مغمومًا؛ فقد وقعت في الخطأ الذي طالما استغفرت ربي وعاهدته سبحانه فيما بيني وبينه تبارك اسمه وتعالى جدّه أن لا أعود إليه، وهائنذا أعود وأقع فيه..

وقد تكرر مني الوقوع في ذاك الخطأ كثيرا، وإنما كثر حدوثه مني لكثرة تكراره وكثرة ما أتعرض له.

إنك الآن -أيها الناظر في سطوري هذه- تود لو عرفت ذلك الخطأ وودتَ لو أسعفتُك به واختصرتُ عليك الكلام؛ لكني والله أستثقل ذلك، وما كتبت إلا بوحًا لأخفّف على نفسي وأتخفّف من ذلك الحمل الثقيل الذي أبيت به كثيرًا معاتبًا نفسي لائمًا لها، وكان آخره ليلة أمس، ولأشاركك الهم وأستمطر منك موعظة وأرسل إليك تنبيها..

الأمر باختصار أني أنهر السائل وأخالف قول ربي جل وعلا: (وأما السائل فلا تنهر) بسبب موقف يتكرّر كثيرًا، وفي كل مرة أقع في الشيء نفسه! إي والله العظيم..

يأتيك السائل -وغالبا ما تكون امرأة- بينما أنت تقوم بصفّ سيارتك وتنظر يمينا ويسارا في المرايا لتوقف سيارتك -بعد عناء- في مكان ضيق، ليطرق عليك ذلك السائل الزجاج طرقًا ليسألك مالًا، وفي كل مرة أجدني مندفعًا لتنزيل الزجاج وتلقين ذلك السائل درسًا..

يثقل عليّ وأستبشعه ذلك الذي يعرض حاجته في وقت خطأ أو بطريقة خطأ؛ فما هكذا تورد الإبل ولا هكذا تكون الأمور..

هل يتعمد السائل سؤالك وأنت مشغول أو مشتت؟ أو هو جاهل لدرجة أنه لا يفهم ما أنت فيه في هذه اللحظات؟

وقد عشت دهرا أتصور أن نهر السائل يكون بلومه وزجره على سؤاله الذي لا يستحق أن يسأله فحسب، ولا يكون نهره لسذاجته وقله عقله واستعجاله في الطلب، ولو تمهل دقيقة لظفر بحاجته.. مع علمي بأن معظمهم أدعياء كذابون، أو كما يُقال عنهم (نصابين) ولله الأمر.

الحق يقال؛ إني نجحت ذات مرة بأن قلت لسائلة عجوز: انتظري حتى أنتهي مما أنا فيه. وذات مرة أذكرها، ظلت السائلة -وكانت امرأة عجوزا- واقفة حتى إذا انتهيت جاءت فطلبت..

وأبشع من كل ذلك من يستغلون وجود أسرتك معك وبينما يتأهل الجميع للنزول وجمع أغراضهم من السيارة يأتيهم السائل ويظل يلح في مسألته؛ وهذا شر أنواعهم وأكثرهم مكرا..

دائما يثيرني ويستمطر غضبتي ذلك الذي يستذكى علي، أو يستغل موقفًا ما أو يتصور أنه (شاطر).. وهذا سر غضبتي ساعتئذ دائما!

والسؤال: هل يفعلون ذلك غباءً؟ أم سذاجة؟ أم مكرا؟

وإني لأعتذر إليك أيها القارئ؛ فقد (دوشتك) بلا فائدة وشغلتك بلا عائدة، وإنما قصدت البوح ومشاركة الهموم، وتذكيرك.. والله أسأل أن يصلح أحوال المسلمين وأن يتوب علينا في التائبين.

{وأما السائل فلا تنهر}

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى