الأحد يوليو 7, 2024
مقالات

د. سامي عامري يكتب: داوكنز.. وشيء من الروح الصليبية

خرج داوكنز -رأس تيّار الإلحاد الجديد- في لقاء صحفي ليعبر عن أسفه لإغلاق الكنائس وتدهور الحضور الثقافي النصراني في بريطانيا، مقابل تمدد المساجد فيها، وليخبرنا أنه «نصرانيٌ ثقافة» «cultural Christian».

طبعًا لم يقصد داوكنز أنّه نصراني عقيدة؛ فهو لا يزال يرى الدين خرافة، ولا هو يمدح الكنيسة، وإنّما هو يرى أنّ النصرانية جزء من الثقافة العامة للشعب، وانّها دين محترم decent، على خلاف الإسلام الذي يراه دون ذلك. ولمّا أراد أن يؤيّد مقالته، ذكر موقف الإسلام من المرأة..

قلت:

1- ما قاله داوكنز في كتابه «وهم الإله» من هجاء مقذع للنصرانية، لا معنى له إلّا أنّ النصرانية هي الشر الأعظم؛ فكيف أصبح تقهقر حضور رموزها الدينية مصدر قلق!

2- حديث داوكنز عن أنّه نصراني ثقافةً ليس حجّة لشيء؛ فإنّه إذا كانت النصرانية أصل الشرور كما في حديثه على مدى عقود، فإنّها بذلك أشبه بالورم الذي يجب أن يُستأصل -على مذهبه-، والعار الذي يجب أن يبرأ منه، لا التسليم البارد أنّ النصرانية جزء من هويته الثقافية!

3- قوله إنّ حال المرأة في النصرانية أفضل من حالها في ظل الشريعة الإسلامية، وإيمانه أنّ نجاة المرأة لا تكون إلا في مجتمع ملحد، من عجائب الأمور؛ فالمرأة في التراث الكنسي “بوابة جهنم” بعبارة ترتليان.. وأما الإلحاد فلا توجد فيه (حقوق) (للمرأة)؛ إذ الإلحاد لا يعترف بوجود (امرأة) ضمن الجنس البشري المكرّم، وإنّما هي أنثى حيوان الهومو السابينز (بلغة الدراوزنة)، ولا توجد (حقوق) لها؛ فإنّ البشر كائنات خرجت من الغابة منذ زمن غير بعيد، وتحمل في صميم بنيتها روح الغابة، ووجودنا مدين للعشوائية، وجهودنا تسير إلى الفناء البارد، وحركتنا محض عبث صرف، باعتراف داوكنز نفسه؛ فلا معنى للحقوق في عالم لا يتجاوز في حقيقته (المادة الصماء) و(الحركة العشوائية العمياء).

=

1-زعيم الإلحاد الغربي ذهبت عنه النصرانية وبقيت الروح الصليبية العتيقة!

2-النصرانية الغربية دين «كيوت»؛ لأنّه قابل للتدجين والتآلف مع أشد الرؤى الدهرية.

Please follow and like us:
د. سامي عامري
دكتوراه في الأديان المقارنة مؤلف، محاضر، وباحث في الأديان المقارنة والمذاهب المعاصرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب