د. عبد الرحمن بشير يكتب: خاطرة إنسان يبحث عن مستقبل أفضل
يبدو أن البيئة الجميلة، والهادئة تؤثر في الإنسان نفسيا ووجدانيا وجسديا، بل وذوقيا، وتلعب في الذات دورا محوريا، فالإنسان الذي يرى في كل يوم بيئة منظمة وجميلة تكون نفسيته رائعة من الداخل، وكذلك الإنسان الذي يتعامل يوميا مع بيئة غير منظمة، وغير جميلة تكون نفسيته غير متوازنة من الداخل فضلا عن الخارج.
الجمال في الطبيعة، والتنوع في البيئة، والنظافة في كل جهة، والترتيب في الطرق والشوارع، والعمل في تحسين الحياة، وتطويرها، وتجويدها، كل ذلك يصنع في الإنسان داخليا قوة تجعله يفكر بشكل سليم، فالنهضة ليست ديكورا يصنع، أو يستورد كما نصنع نحن في بلادنا، وإنما هي مشروع يزرع، ويتم رعايته سياسيا، ويهتم به الناس نظاما وشعبا، ولهذا تكون الحياة جميلة، ورائعة.
عشت أسبوعا في مكان هادئ، وكتبت رسالة عن الحياة، وأكملت قصة إنسان جاء من البادية، فعشق إنسانة من المدينة، ثم وقع في حبها، ووقعت هي الأخرى في عشقه، فتمرد الولد على الطبيعة، وتمردت هي على التحديات، ولكنهما عاشا في عذاب الحب، كما عاش الفتى في تيه الزمان والمكان، ومع ذلك هل تحقق لهما ما عملا؟ هذا ما سوف ترون في القصة؟
كتبت رسالة أخرى عن مشروع فكري حول الدعوة والسياسة في القرن الأفريقي، وتساءلت، هل الدعوة بدون سياسة نجاح أم بداية علمنة للمشروع؟ هل يمكن قيام دعوة بدون سياسة؟ وهل البديل المتاح نجح في ذلك؟ ولماذا تعثر مشروع الدعوة في القرن الأفريقي؟ فقد كتبت رسالة صغيرة عن ذلك، وسننشرها قريبا مع الترجمة باللغة الإنجليزية.
الحياة تستمر، والحمد لله، والناس فيها يستمرون، ويسقطون، وفيها من ينجح، ومن لا يتوقف، بل هناك من يتمرّد على القوانين التي تحاول أن توقف مسيرة الإنسان، ولست من الذين يستسلمون بسهولة، ولا من الذين يقبلون الواقع كما هو، ولا حتى هؤلاء الذين ينتظرون الظروف حتى تكون صالحة كما يقول بعض الناس، بل أحاول أن أصنع ظروفي بقدر الممكن، فلا عمل بدون إرادة، والإرادة تتحرك في المتاح لتصنع منه ما هو غير متاح، ولكن الذين يبحثون عن المتاح بدون عمل، يبقون في عالم الافتراض، وينتظرون من أعداءهم الفرص.
كن قويا من الداخل، تكن دوما عاملا بلا توقف، وكن رجلا أمام أعاصير الحياة، تكن دوما صاحب مبادرات، وكن إنسانا يملك قراره، تكن دوما شخصا يخطط للمستقبل، ولا تنتظر الفرص، بل حاول صناعتها، ولا تحاول العيش كما يريد لك العدوّ، ولكن تمرّد عليه، فالعدو يريد لك الموت، وأنت تريد لفكرتك الحياة.