الأحد أكتوبر 6, 2024
مقالات

د. علي الصلابي يكتب: «صدق الانتماء إلى الإسلام» من شروط النصر والتمكين

مشاركة:

من الأصول المهمة في توحيد صفوف المسلمين أن يجتهد الدعاة إلى الله في تحصين المسلمين من المناهج والنظريات والدعوات الأرضية التي تفنن أصحابها في تزويقها وتزيينها، وكانت سببا مهما في تشتيت ولاء المسلمين، وفقد كثير من أبناء المسلمين هويتهم، ومسخ شخصيتهم بفعل التضليل المستمر الذي يمارسه شياطين الإنس والجن بمختلف الوسائل، ومن أسباب جمع صفوف الأمة وتحقيق الوحدة بينها الدعوة إلى الالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة، ومنهج حياة، والاعتزاز بالانتساب إلى هذا الدين، ونبذ كل ما يخالفه ويضاده.

إن الإسلام منهج حياة، والعبودية لله معلم كبير في حياة المسلم، والمسلمون -وفق هذا المنهج والفهم- يشكلون أمة واحدة في مقابلة التجمعات البشرية.

والمسلم الصادق يعتز بالانتساب إلى الإسلام: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33] نص المولى عز وجل على أن أفضل الناس هم الذين يعلنون انتسابهم إلى الإسلام.

وكثير من المسلمين اليوم فقدوا انتماءهم، فأخذوا يبحثون عن عقائد ومذاهب وأقوام ينتسبون إليها، ألا وإن الراية الحق هي راية الإسلام، لا راية الأوطان، أو الأقوام أو الأحزاب، أو التجمعات الضالة، والتوحيد والانتساب إلى الإسلام ملة إبراهيم عليه السلام: ” ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا” [النحل: 123].

طلب الحق والتحري في ذلك:

إن هذا الأصل العظيم ألا وهو طلب الحق والتحري للوصول إليه يقوي وحدة صف العاملين لتحكيم شرع الله، وهو من أهم سمات الربانيين الذين صفت نفوسهم وتطهرت قلوبهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

إن الله تعالى في كتابه الكريم، بين أنه لا يوجد منزلة ثالثة بين الحق والباطل، فقال سبحانه: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ} [يونس: 32].

قال القرطبي -رحمه الله -: «قال علماؤنا: حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله تعالى، وكذلك هو الأمر في نظائرها، وهي مسائل الأصول فإن الحق فيها في طرف واحد» (1).

والحق لابد فيه من اليقين، ولا يكفي فيه مجرد الظن، قال تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} [يونس: 36].

قال ابن كثير: «أي لا يجدي شيئا ولا يقوم أبدا مقام الحق» (2)، وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم رد الحق وعدم قبوله، من الكبر الذي هو من أشنع الخصال وأردأ الفعال.

قال رسول الله : «الكبر بطر الحق وغمط الناس» (3).

إن بطر الحق هو دفعه وإنكاره ترفعا وتكبرا واستعلاء، وأما غمط الناس فهو احتقارهم.

إن الحق هو ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وعلى كل مسلم أن يتبع كل دليل شرعي علمه وتبينه، قال تعالى: {فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 38].

ومن أهم الوسائل التي تعين على طلب الحق والتحري في ذلك، تقوى الله عز وجل، والإخلاص والتجرد، واللجوء إلى الله عز وجل والافتقار إليه، وتدبر الكتاب والسنة واتباع سبيل السابقين الأولين، والصحبة الطيبة.

هوامش

(1) الجامع لأحكام القرآن (8/336).

(2) تفسير القرآن العظيم (4/255).

(3) مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر (1/65).

Please follow and like us:
د. علي الصلابي
مؤرخ وفقيه ومفكر سياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *