بحوث ودراسات

د. محمد جلال القصاص يكتب: أثر العقيدة الإسلامية في صياغة الشخصية

هذا المبحث قراءة لشخصية خالد بن الوليد، رضي الله عنه، كحالة دراسة أحاول من خلالها بيان فساد القول بأن الصفات الشخصية هي التي صنعت هؤلاء الكرام الأفاضل من الصحابة رضوان الله عليهم. وتعمدت خالدًا، رضي الله عنه، لوضوح المثال فيه، ولأنه من الشخصيات الرئيسية التي تحدث عنها القائلون بهذه المقولة، مثل: عباس العقاد في عبقرية خالد. وأبدأ بعرض مشاهد ثم أعلق عليها مستنبطًا منها.

خرجت قريش، يوم أحد، بحدِّها وجدِّها وحديدها وأحابيشها، ومن تابعها من بني كنانة، وأهل تهامة والظعينة موتورين بآبائهم وإخوانهم، يُجعجع فرسانهم، وتضرب بالدف نساؤهم، وينادي بالثارات جميعهم؛ فيهم مائتا فارس على رأسهم خالد بن الوليد يواجهون سبعمائة رجل رجالاً حُسرًا. ولم يغنِ قريشًا أن بها خالد بن الوليد، فلم يستطع شيئًا، هو ومن معه من الفرسان، إلا على غرَّة. وعلى غرَّةٍ، والناس منهزمون قد انفضوا من مواقعهم واستدار بعضهم على بعض، لم يستطع خالدٌ بثلاثة آلاف أن يقتل أكثر من سبعين رجلًا!!

وفي يوم الحديبية خرجت قريش كخروجها يوم أحد أو أشد، ووقف خالد بن الوليد على رأس فرسان قريش، وما تجرأ على قتال رسول الله ﷺ وصحابته، وهم مُحْرِمُون لا يحملون إلا سيف الراحلة. وقف يبحث عن وقت غفلة كي يأخذهم على غِرَّة، كما فعل يوم أحد، وما استطاع شيئًا.

وفي العام التاسع من الهجرة عقدَ رسولُ الله ﷺ لواءً لخالد بن الوليد، رضي الله عنه، بأربعمائة وعشرين فارسًا إلى إحدى قرى الشام (دومة الجندل) كي يغير على زعيمها أُكَيْدِرِ، فقال خالد: يا رسول الله، كيف لي به وسط بلاد كَلْبٍ وإنما أنا في أناس يسير؟! فقال رسول الله ﷺ: «ستجده يصيد البقر فتأخذه». فتشجع خالد وصار إليه، فوجده على الحال التي وصف رسول الله ﷺ فأخذه.

وبعد عامين فقط تجمعت قبائل كلب ومن جاورها من بني تميم ومعهم أحياء قضاعة في ذات المكان (دومة الجندل)، فتحرك إليهم خالد في جيش أقل منهم بكثير وقضى على مقاتلتهم في الحصون وحولها.

وبعد عامين فقط ركب خالد بن الوليد في نفر يسير، مقارنةً بعدد المخالفين، لمن ارتد من العرب من غطفان وبني حنيفة، ثم صار إلى أهل العراق والشام فأتى على قوى الكفر كلها من عرب وفرس وروم في هذه البلاد، وما تردد في معركة، وما انهزم.

ما الذي حدث؟! خالد هو خالد، بل كَبُرَ سنه ورقَّ، بعض الشيء، عظمه، كيف يَهزم كل هذه الجيوش المتماسكة المجتمعة وكيف يقتل كل هذا العدد من البشر؟!

حدث تغير في المفاهيم والتصورات الداخلية التي تُحرِّك خالد بن الوليد، رضي الله عنه، ومن معه، نوع جديد من المفاهيم عن طبيعة المعركة وأسباب النصر والهزيمة، جعلت خالدًا يُحدث كل هذا الأثر في واقع الناس. وتدبر هذين الموقفين:

في يوم اليرموك جاءه أحدهم يخوفه من الروم وقد أقبلت كالسحابة السوداء تسد الأفق، تموج بهم الأرض كما يموج البحر، صوتهم كالرعد. كما يصف ابن كثير، رحمه الله، على لسان من حضر المعركة. والمسلمون قلة. وقف أمام خالدٍ يقول: ما أكثر الروم وأقل المسلمين! فقال خالد: ويلك، أتخوفني بالروم؟! إنما تكثر الجنود بالنصر (أي من الله)، وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال، والله لوددت أن الأشقر (فرس خالد) براء من توجِّيهٍ وأنهم أُضعفوا في العدد.

وحين همَّ بعبور بادية الشام من العراق إلى اليرموك تخوّف بعض من معه واستداروا كأنهم يريدون مراجعته في أمر العبور إلى الشام، فقام فيهم خطيبًا بهذه الكلمات القليلة: “اعلموا أن المعونة على قدر النية، والأجر على قدر الاحتساب، فأروا الله من أنفسكم خيرًا يمدكم بمدده”.

خالد بالأمس القريب، حين أُمِرَ بالتوجه لأُكيدر يحسب للعدد حسابًا وينادي: كيف وإنما أنا في نفر يسير؟!، وهو اليوم يلغي عامل العدد من أسباب النصر والهزيمة.

وخالد يتمنى شفاء فرسه ليكون أنشط في القتال مقابل أن يزيد جيش الروم ضعفًا كاملاً.. أهذا خالد يوم أحد والحديبية؟!

وخالد يُقْدِمُ على عبور المفازة سالكًا طريقًا لا يظن عاقل أن جيشًا يسير به وينجو، معتمدًا على أن “المعونة من الله على قدر النية”، فهو يتكلم بأن السبب المطلوب بذله لعبور هذه المفازة هو صدق اللجوء إلى الله وحسن التوكل عليه، ويُذكِّر من معه بالاحتساب حتى لا يضيع الأجر.

إن العامل الأساس هو الإيمان بالله(العقيدة)، وليس شخص خالد رضي الله عنه، فكما رأيت حدثت نقلات نوعية في شخصية خالد وما أنجزه بعد الإسلام، وهذا الأثر ازداد تدريجيًّا بثبات الإسلام في صدر أبي سليمان، رضي الله عنه وأرضاه.

ويزداد هذا الأمر وضوحًا حين نتذكر أن الفتوحات الإسلامية لم تتأثر مطلقًا برحيل خالد عن القيادة، وإنما برحيل الجيل الأول من الصحابة ومجيء من كانوا أقلّ شأنًا في التدين.

إن النصر والهزيمة وطبيعة المعركة من حيث أطرافها له تصور خاص في الشريعة الإسلامية؛ ففي كتاب الله أن الملائكةِ تحضر القتالَ، تُثبِّت الذين آمنوا وتلقي الرعب في قلوب الذين كفروا: (إِذۡ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمۡ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ سَأُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ فَٱضۡرِبُواْ فَوۡقَ ٱلۡأَعۡنَاقِ وَٱضۡرِبُواْ مِنۡهُمۡ كُلَّ بَنَان) (الأنفال: ١٢). وحضور الملائكة الكرام متوقف على تقوى الله لا على عدد المسلمين وعتادهم، ولا على كونهم منتسبين للإسلام فقط؛ يقول الله: (بَلَىٰٓۚ إِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأۡتُوكُم مِّن فَوۡرِهِمۡ هَٰذَا يُمۡدِدۡكُمۡ رَبُّكُم بِخَمۡسَةِ ءَالَٰف مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ مُسَوِّمِينَ) (آل عمران: ١٢٥).

والعدد في التصور الإسلامي عن النصر والهزيمة ليس من الأهمية بمكان؛ فـ (كَم مِّن فِئَة قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَة كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ) (البقرة: ٢٤٩)، وفي التصور الإسلامي عن النصر والهزيمة أننا ستار لقدر الله سبحانه وتعالى، فالله يُنفذِ قدَرَه من خلال عباده، فما علينا إلا أن نأخذ بالأسباب المتاحة للنصر والله ينصر من ينصره.

 وفي الشريعة الإسلامية الهزيمة سببها الذنوب ـ ومن الذنوب التقصير في الأخذ بالأسباب المتاحة كما أمر الله، يقول الله تعالى ذكره: (أَوَلَمَّآ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَة قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَيۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ قَدِيرٍ) (آل عمران: ١٦٥)، (وَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ إِذۡ تَحُسُّونَهُم بِإِذۡنِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلۡتُمۡ وَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَعَصَيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنۡيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۚ ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ لِيَبۡتَلِيَكُمۡۖ وَلَقَدۡ عَفَا عَنكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ) (آل عمران: ).

والشاهد: أن هذه معارف يكتسبها أحدنا بقراءتها فقط إن صدَّق المخبر بها، أمَّا أن تستيقن منها وتصطبغ بها وتتعامل من خلالها فهذا لا تناله في يوم وليلة، فالشهوات والشبهات تتصارع مع خطاب الوحي ولا يستقر الإيمان في القلب إلا بعد حين، (إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱستَقَاٰمُواْ) (فصلت:30).

حين استقرت هذه المعاني في قلب خالد والصحابة تغيرت أسباب النصر، لا من خالد ولكن من الصياغة الجديدة التي صاغتها العقيدة لخالد والصحابة رضوان الله على الجميع.

ودعنا نفترض الصورة العكسية: لو اجتمع ثلاثون ألفًا من مشركي العرب أمام ربع مليون أو يزيد من الروم والعرب هل ينتصرون؟!

لم يكن بين العرب من يفكر في جمع مثل هذا العدد تحت أي شعار ، وإن اجتمعوا ما كان ليخطر ببال أحدٍ منهم أن يغزو الروم ، والشواهد في كل مكان تتحدث بأعلى صوت عن تفرق العرب وتشرذمهم حين كانت هُويتهم قبلية وثنية، وعن تفرق الحضور في واقعنا المعاصر حين تخلوا عن الهوية الإسلامية، فالذي جمعهم وألف بين قلوبهم هو الدين  وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ  لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ  إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )(الأنفال:63)،   اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا  وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) (آل عمران:103).

فتوحدهم من الله وحده وبالإسلام لا بشيء غيره.

ومن أوضح الشواهد على أن العقيدة هي المحرك الأساس للفرد والجماعة، وأن العقيدة هي التي صاغت خالدًا وغير خالدٍ من قادة الأمة، تلك الآيات التي تتحدث عن المنافقين حال القتال، مثل قول الله تعالى: (سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا) (الفتح: ١١).

ومثل قول الله تعالى: (إِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَٰٓؤُلَآءِ دِينُهُمۡۗ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيم) (الأنفال: ٤٩) (الأحزاب: ١٢).

ووجه الاستدلال من هذه الآيات الكريمات: أن من تكلموا في هذه الآيات من المنافقين كانوا من جنس المسلمين، لا يختلفون عنهم من حيث الظاهر والبيئة التي نشأوا فيها. قد كانوا إخوة وأبناء عمومة، ومتشابهون في الصفات الخارجية ونبتوا جميعًا في مكانٍ واحدٍ من أبٍ واحد، ولكن خُلِعَ قلب هؤلاء حين جاء الخوف والسبب، الذي يذكره العليمُ الخبيرُ سبحانه، أنهم لم يؤمنوا..لم تستقر حقائق الإسلام في قلوبهم، لم يستيقنوا أن الفرار لن ينفعهم، وأنه لا عاصم من الله إن أراد بهم ضرًّا أو أراد بهم نفعًا، ولذا راحت جوارحهم تبحث عن مخرج حين جاء الخوف، كابن نوح، عليه السلام، (قَالَ سَ‍َٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ) (هود:43)

إشكال والجواب عليه:

يشكل على بعضهم أنه إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يتساوَ الجميع أو يرتبوا على حسب إيمانهم. هل برز أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد وقتيبة الباهلي لأنهم الأكثر إيمانًا؟!

نقول: ليس الأمر كذلك، فالله سبحانه وتعالى خصَّ بعض الأفراد ببعض الصفات، وفتح على بعضهم من أبواب دون أبواب، فالناس مختصون بطبعهم، هذا حَبَّبَ إليه الجهاد ورزقه بنية قوية وشجاعة تجعله يقبل ولا يدبر. وهذا حبب الله إليه طلب العلم وتعليمه، ورزقه عقلاً وعزيمة في الطلب، وهذا حبب الله إليه الإنفاق وأمده بالمال… وهكذا. والعقيدة تصل بالمرء إلى أقصى مستوى؛ بل تصيغه صياغة جديدة بحيث لا يقارن بمثله الذي لم يتأثر بالعقيدة. وقد يمد الله آحاد المشركين وجموعهم فيمكن لهم استدراكًا لهم وعقوبةً للمفرطين من المسلمين، (كُلًّا نُّمِدُّ هَٰٓؤُلَآءِ وَهَٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا) (الإسراء: 20).

والتزام الشرع يعطي البدن قوة، ومن الشواهد على صحة هذا الأمر ما ورد في صحيح مسلم من حديث علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أن فاطمة ـ رضي الله عنها ـ طلبت خادمةً لتساعدها في أمر بيتها فقال لها رسول الله : «أَلا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَا؟! إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَنْ تُكَبِّرَا اللهَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ، وَتُسَبِّحَاهُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَتَحْمَدَاهُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ».

ففاطمة رضي الله عنها تشتكي من الجهد المبذول في بيتها وتريد خادمة تحمل عنها، ويكون الجواب وِرْدٌ من الأذكار «يحصل لها بسبب هذه الأذكار قوةٌ على الخدمةِ أكثرَ مما يَقدرُ الخادم»، أو بعبارة أخرى: «أن الذي يلازم ذكر الله يُعطى قوة أعظم من القوة التي يعملها له الخادم، أو تسهل الأمور عليه بحيث يكون تعاطيه أُموره أسهل من تعاطي الخادم لها».

د. محمد جلال القصاص

دكتوراة علوم سياسية كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى