د. محمد عياش الكبيسي يكتب: فقه التعامل مع «المكوعين»
أدهشت الثورة السورية المباركة جميع المراقبين بمستوى السماحة والعفو والرغبة في دفع الشعب السوري كله لبناء وطنهم بعيدا عن لغة الثأر والانتقام.
وقد تابعت بعض المجادلات والمساجلات ما بين مؤيد ومعارض ومتحفظ إلى حد معيّن.
ولا أحب أن أكون طرفا في هذا، فرجال الثورة هم الأقدر على تقدير الظروف الداخلية والخارجية التي تحيط بهم، وتقدير حاجة الشعب السوري نفسه.
لكني رأيت بعض الإخوة كأنه يجعل عبارة (اذهبوا فأنتم الطلقاء) أصلا عاما يجب الاحتكام إليه بعد كل انتصار.
الحقيقة أن هذا النص لقد تلقته الأمة بالقبول -بغض النظر عن سنده-
ولكن ينبغي ملاحظة الآتي:
1- أن النبي عليه الصلاة والسلام قد استثنى من هذا العموم عددا من (مجرمي الحرب) وحددهم بأسمائهم (اقتلوهم ولو وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة)، فهذا ينبغي ألا يغفل.
2- أن عامة قريش الذين عفا النبي عنهم بعد الفتح لم يعد عندهم ما يخشى على الإسلام منه، لأنهم لم يكونوا مرتبطين بقوى أجنبية يمكن أن تنظم صفوفهم وتعيد لهم قوتهم، فقريش هم رأس العرب، ولم تكن حربهم مع الإسلام بدوافع خارجية وإنما هي الحسد والمنافسات المعهودة داخل القبائل العربية وبطونها وبيوتاتها. وهذا بخلاف ما نشهده الآن من ولاءات وارتباطات خطيرة.
3- أن قريش لم يكن لديها مشروع فكري أو ثقافي من الممكن أن يشكل خطرا على عقيدة الأمة وهويتها، وبالتالي فالعفو عنهم لن يفتح فتنة جديدة في هذا المجال، أما اليوم فهناك غزو ثقافي منظم قد يستخدم السلاح كما هو شأن المليشيات، فإذا كسر سلاحهم استخدموا الأساليب الناعمة.
وهنا ينبغي التفريق بين (الرأي) مهما كان، وبين (الغزو الثقافي) الذي هو أداة من أدوات الاستعمار والهيمنة الأجنبية، وما عملته إيران في العراق وسورية ولبنان واليمن شاهد على هذا.
ولا ننسى هنا أن الأبواق التي كانت تروّج لهذا الغزو الخارجي وتمجّد بقادته ومفكريه تحت ذرائع مختلفة، لا يصح اليوم بعد أن (تكوّعوا) أن يعطوا الفرصة لترويج أفكارهم ما لم يعلنوا توبتهم وبراءتهم منها خاصة جريمة الطعن في الصحابة رضي الله عنهم، لأن مجاملتهم لأبطال الثورة اليوم لا تخفف من خطورة أفكارهم على الثورة نفسها بل وعلى الأمة كلها
ملاحظة
قرأت لأحد الأفاضل منشورا جيدا فيه نصح وتسديد لكنه وصف أحد الصحابة بأنه تكوّع، يقصد أنه لم يسلم إلا عند فتح مكة، والصحيح أن دخول الشخص في الإسلام لا يصح أن نسميه (تكويعا) أي شخص فكيف بالصحابي؟