مقالات

د. وصفي أبو زيد يكتب: الضابط المرشد والمعيار الحاكم في حساب الموازنات والمآلات

 

كيف يعرف الإنسان أو العالم أو الدولة أو الجماعة أنها على طريق الوسطية والاعتدال، بين الإفراط والتفريط وبين الطغيان والإخسار، في إجراء الموازنات ورعاية المآلات وفي الاستجابة للواقع والتفاعل معه، لا سيما في الأحداث الكبرى التي يتجلى فيها الصراع العالمي بين المشروع الإسلامي والمشروع الغربي؟؟

 

الرأي عندي أن الضابط يتجلى في أمرين:

أمر أخلاقي إيماني يتعلق بالضمير الديني ورقابة الله تعالى، وأمر علمي موضوعي يتعلق بتحكيم المقاصد.

 

🔹 فأما الأمر الأخلاقي الإيماني، فهو تحري أي جهة من هذه الجهات أو أي فرد سؤالَ الله تعالى في الآخرة، وإعداد الجواب للسؤال، وأن بذل الجهد، واستنفاد الوسائل، وطرق كل الأبواب، والسعي في كل المساحات والساحات الممكنة، وتحمل الأذى المقدور عليه أو الضرر المحتمل، يعد من الواجبات الشرعية التي لا ينفك المسلم: فردا كان أو جماعة أو دولة، عن الإثم بها ما لم يقم بهذا كله…

 

🔸 وأما الأمر العلمي الموضوعي؛ فهو تحكيم المقاصد، فالأمور بمقاصدها كما قال العلماء، والمقاصد هي الضابط، تحقيقها وتحريها ورعايتها؛ فهي التي تتحكم في الوسائل، وتضبط الحركة، وترشد التفكير.

 

والمقاصد هنا لها معنيان:

▪️المعنى الأول: مقاصد الشريعة العالية والعامة، من حرية وعدالة اجتماعية وأمن مجتمعي، وكذلك الكليات الضرورية من حفظ للدين والنفس والعقل والنسل والمال والعرض.

▪️والمعنى الثاني: مقاصد الحدث الذي نعيشه، أي المطلوب فيه والمرجو له، فيجب أن نتحرى المعنى الكبير الأول في حركتنا واختياراتنا، وكذلك نتحرى المعنى الثاني في سلوكنا وإجراءاتنا، في ضوء المعنى الأول، وبذل وسعنا.

 

وبإعمال الضابطين سنخرج من دوائر الإفراط والتفريط أو الطغيان والإخسار، وما سيترتب عليهما من تفويت المصالح وحصول المفاسد، وسنرسو على شاطئ الاعتدال والوسطية والمقاصد الشرعية.

د. وصفي أبو زيد

أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية، ورئيس مركز الشهود الحضاري للدراسات الشرعية والمستقبلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights