الجمعة مايو 17, 2024
مقالات

د. ياسر عبد التواب يكتب: مخطط تقسيم الدول العربية

ورغم حالمية التصورات التي تطرح بين حين وآخر أو تسرب عمدا لوسائل الإعلام حول موضوع التقسيم فإننا نرى أن ذلك من باب التمهيد لقبول الفكرة ولو بعد حين؛ في حين تعمل الآليات السياسية والدبلوماسية والقنوات التي تسمى كذبا بالمنظمات العالمية والأمم المتحدة ومجلس الأمن على تقرير الواقع الذي تريده الدول الغربية والدول المتنفذة في العالم.

والحقيقة التي يجب إدراكها ابتداء أننا أمة يحرص أعداؤها أن تكون دوما تحت السيطرة فلا نستبعد أن يتم تقسيمها من أجل تفتيتها فلا تكون لها قوة وليدب الخلاف بينها حين تتعارض المصالح وتتعدد القوى والمسيطرين.

وهذا الأمر يتم من قديم كتصور منطقي حاولت قوى مكة إبان البعثة ترسيخه بعزل المدينة وبالنص على ذلك في بعض شروط صلح الحديبية.

وفي وقتنا المعاصر نلمح ذلك بشكل أكثر فجاجة من إسقاط الاتحاد الإسلامي للأمة والممثل في الخلافة والحرص الشديد على تفتيت الأمة من بعدها.

 فلئن كان التقسيم القديم السري الذي تم التوافق عليه عام مايو 1916م (وللمفارقة فقد كان ذلك قبل سقوط الخلافة العثمانية بثمان سنوات) وبعد الحرب العالمية الأولى قسمت به الكعكة بين الدول الأهم لأهداف سياسية ولأهداف اقتصادية وحضارية وثقافية أيضا والذي اعتمد على الاتفاق للتقسيم بين إنجلترا وفرنسا -وبشهادة روسيا القيصرية- والذي قام به فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس على تقاسم تركة الإمبراطورية العثمانية وبالتحديد في منطقة الهلال الخصيب.

ثم ما لبثت أن توجت هذه التفاهمات باتفاقيات دولية رسمية بمؤتمر سان ريمو عام 1920. وقبل سقوط الخلافة أيضا عام 24 والتي أعقبت سقوط الدولة العثمانية نفسها عام 22

ومن المؤسف أن الدول العربية والإسلامية انصاعت لهذا التقسيم وتوافقت عليه ورضيته كحدود تفدى بالدماء وظهرت شعارات (التراب الوطني) وفداءك يا وطن  ونحن نهتم بدولتنا وحدها حتى في بعض البلاد ترفع بحماس اسم البلد وتقرنه باسم الحاكم وتردد بعدها كلمة (وبس)  أي هذه حدودنا وتفكيرنا (مصر أولا – سوريا أولا – ليبيا – العراق السودان الخليج… الخ) وفي هذا الصدد تنسى حتى الأفكار الداعية للاتحاد بصورة أو أخرى مثل الأفكار الاشتراكية والتي بقيت في حدودها الإقليمية متغاضية عن طموحاتها ومثله الأفكار اللبرالية التي اتكأت على فكرة الانتماء الوطني في مقابل الانتماء للأمة رغم عدم تعارض حب الوطن مع فكرة الاتحاد والخلافة لكنه اللعب على بعض المتغيرات لصالح من يخططون.

ولعلنا نلفت النظر في هذا إلى الخداع الذي وقع فيه وتجرعه بحماقة حكام الدول العربية (وقام به العقيد توماس إدوارد لورانس) الذي وعدوا بالاستقلال عن الدولة العثمانية ويترك لهم الحرية في دولة تضم الشام الكبرى لكنهم خدعوا ودخلوا في خطة التقاسم وهذا يحدث في كل زمن وتمارسه الآن بخداع آخر الأمم المتحدة.

وفي الحقيقة لم يحدث أبدا أن صدق عدو في وعد قام به لأعدائه أو لمنافسيه فلا ندري لم يتعامل البعض بهذه السذاجة وربما العمالة!

أقول لئن كان الاتفاق على التقسيم سابقا قد تم لتفتيت قوى الأمة ولمنع اتحادها والحيلولة دون عودتها مرة أخرى وللاستفادة من خيراتها بشكل منظم فإن الوضع العالمي الآن بحاجة إلى إعادة تقسيم ذلك المقسم.

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب