أقلام حرة

د. يوسف رزقة يكتب: المقاومة الشعبية بين حالتين

الفلسطينيون في حاجة لقراءة المقاومة الشعبية قراءة صحيحة موضوعية ترتبط بالواقع لا بالنظرية ولا بالخيال. يمكن للفلسطيني إعادة قراءة تجربة انتفاضة الحجارة، حيث صنفها الباحثون في الانتفاضات الشعبية الناجحة. في انتفاضة الحجارة نجح الشعب في غزة والضفة في حصر التواجد العسكري للعدو في المواقع العسكرية، حيث لم يعد بمكنته الدخول إلى المدن والقرى الفلسطينية، حيث يواجهه السكان بالحجارة.

هذه الحالة من المقاومة الشعبية الناجحة أحبطها العدو والتف عليها من طريقين: الطريق الأول بالخروج من المدن ومن التجمعات السكانية الكثيفة، والطريق الثاني بعقد اتفاق أوسلو وإجهاض الانتفاضة، وتوكيل أجهزة أمن السلطة بمواجهة الحركة الشعبية نيابة عنه، ومن ثمة يمكن القول بأن العدو نجح في تحقيق أهدافه إلى حدّ بعيد.

اتفاق أوسلو لم يحقق مراد من وقعوا عليه، وتحولت الاتفاقية لعبء عليهم وعلى الشعب، لأن العدو لم ينفذ تعهداته، فلم يناقش مع السلطة قضايا الحل النهائي، وبات الحل المرحلي حلا دائما؟!.

اليوم يستعيد فئات من الشعب المقاومة الشعبية في الضفة وغزة، ولكن لا يقوم بها إلا شباب بأعداد محدودة، وتجري وقائعها أمام الأسوار العالية، والأسلاك الحدودية الشائكة، والمحصنة بقناصة وكاميرات، وخلاف ذلك، ولا يكاد يوجد احتكاك مباشر بين المشاركين في المقاومة الشعبية والجنود، وجل الاحتكاك يحصل عن بعد، وعن مسافة تسمح للعدو بقنص من يريد دون أن يحدث له أدنى ضرر. أي نواجه في الحالة الراهنة من المقاومة الشعبية خسائر مؤلمة في صفوف شبابنا، ولا تقع خسائر مماثلة في جهة العدو، ولا تحظى مظاهر المقاومة الشعبية بتغطية إعلامية دولية إيجابية، ولا يكاد العدو يتضرر من مظاهرها وصورها؟!.

الفلسطيني بشكل عام في غزة والضفة يجدر به مراجعة أساليب المقاومة الشعبية، ودراسة ظروف نجاحها، ومعوقات النجاح، وتقدير تأثيرها على برنامج التحرير، أو على الأقل إيلام العدو، ومنع زحفه الاستيطاني المستمر؟! المقاومة الشعبية يجدر أن تكون ضارة بالعدو، لا بمن يقوم بها؟!

د. يوسف رزقة

كاتب ومحلل سياسي، فلسطيني أستاذ الأدب والنقد في الجامعة الإسلامية بغزة ووزير الإعلام السابق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى