تشهد الساحة الدولية سباقاً محموماً بين وكالات الاستخبارات الكبرى لاستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، وسط تساؤلات عن الجهة التي ستحسم التفوّق: هل هي الولايات المتحدة بتفوقها التقني؟ أم الصين بسرعة تبنّيها للتقنيات وتطبيقها في أرض الواقع؟
إطلاق شركة صينية لنموذج لغوي قوي يوم تنصيب دونالد ترمب رئيساً كان بمثابة “جرس إنذار” لواشنطن. وأقرت الاستخبارات الأميركية بأنها فوجئت بتقدم بكين، مما دفع إدارة بايدن سابقاً لتوسيع التعاون مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI وGoogle. لاحقاً، منح البنتاغون عقوداً بقيمة 200 مليون دولار لشركات، بينها xAI التابعة لإيلون ماسك، لتطوير “وكلاء أذكياء” قادرين على تنفيذ المهام المعقّدة بشكل مستقل.
وشهد عام 2025 دخول نماذج مثل “Claude Gov” من Anthropic الخدمة داخل وكالات الأمن القومي، بينما تم تكييف تلك النماذج للعمل في بيئات مغلقة وآمنة، بل بدأت بعض الوكالات بتطوير نماذجها الخاصة داخلياً.
أوروبا أيضاً دخلت الحلبة، خاصة عبر شركة “Mistral” الفرنسية، بينما كشف الجيش الإسرائيلي عن زيادة استخدامه لـ GPT-4 بشكل غير مسبوق بعد اندلاع حرب غزة.
رغم هذا الزخم، يشير خبراء إلى أن الاستخدام الفعلي ما زال محدوداً. وتُظهر تجارب أن النماذج قد تعاني من أخطاء تصل إلى 8%، ما يثير مخاوف بشأن الاعتماد الكلي عليها. لذلك، تركز وكالات كالاستخبارات البريطانية على تقنيات أكثر دقة مثل “التوليد المعزز بالاسترجاع” (RAG).
في المقابل، تبدو الصين أكثر مرونة وسرعة في تطبيق هذه النماذج، في ظل غياب قيود تنظيمية صارمة، مما يُقلق صناع القرار في الغرب. ويجمع الخبراء على أن التأخر في الاستخدام الفعلي يشكل خطراً يفوق التأخر في التطوير نفسه، ما قد يمنح الصين أفضلية استراتيجية في السنوات المقبلة.