الأحد أكتوبر 6, 2024
أقلام حرة

عبد الرب السلامي يكتب: أئمة الزيدية.. خوارج أم ثوار وطنيون؟!

مشاركة:

تاريخ الأئمة الزيديين في اليمن مليء بثورات الخروج طوال العصور الإسلامية، بدءا بالثورة ضد الخلافة العباسية وسلاطينها الزياديين والأيوبيين والمماليك وانتهاء بالعثمانية، وكان دافعهم في تلك الأحداث هو عقيدة (الولاية) التي حصرت شرعية الحكم في سلالة البطنين دون سواهم من البشر.

غير صحيح ما تروجه بعض الأقلام التي تريد تزييف التاريخ بوصف حروب الائمة الزيديين بالثورات الوطنية، فمفهوم الدولة الوطنية لم يكن موجودا في تلك العصور، وكما هو معلوم أن أول ظهور لمفهوم الدولة الوطنية في بلادنا العربية كان قبل حوالي مائة عام فقط، أي بعد الحرب العالمية الأولى.

بالعودة الى مصادر تاريخ الحركة الزيدية نجد أنها تتحدث عن عدم شرعية دول الخلافة، وأن هدف الائمة هو إقامة دولة من سلالة البطنين بديلة عنها، ولذا عندما تمكن الإمام المؤيد القاسمي من حكم اليمن بعد خروج العثمانيين لم يتوقف عند حدود اليمن، بل كانت حملته التالية باتجاه مكة المكرمة، فأين هي الوطنية إذن؟

 لا حجة للذين يريدون أن يضفوا على حركات الخروج الزيدية أو غيرها من الانتفاضات القبلية التي انطلقت في اليمن -في العصور العباسية والأيوبية والمملوكية والعثمانية- مسمى الثورات الوطنية، فهي وجدت في ظل مفاهيم مختلفة جذريا عن مفاهيم النظام الدولي المعاصر للدولة والوطن والهوية!

الحركة الوحيدة للأئمة الزيديين التي يمكن اعتبارها مقاومة وطنية هي تلك التي قادها الإمام يحيى حميد الدين ضد الانجليز بعد اعلانه قيام المملكة المتوكلية اليمنية لسبب موضوعي وحيد: أنها حملت أول مسمى وطني للدولة، ولو بصورة مجازية.

 ومع ذلك لم يكن الإمام يحيى هو المؤسس الوحيد للمقاومة ضد الاحتلال البريطاني، بل كانت هناك مقاومة قبائل تهامة قبل دخوله إليها بعدة سنوات، ثم هناك انتفاضات أخرى وجدت في الجنوب لا صلة له بها، كثورة ابن عبدات في حضرموت التي قمعها الانجليز بسلاح الطيران بوحشية لا تقل عن وحشية قصف قعطبة وتعز وصنعاء.

ختاما، أعود وأقول: إن التشبع بعقيدة (الولاية) وحصر شرعية الحكم في سلالة البطنين مشكلة فكرية تورث حروبا مستدامة، ويستحيل لمن تشبع بها أن يقبل بوجود الدولة، ولذا ليس من حل لهذه المشكلة وأمثالها إلا بصهرها ضمن مشروع الدولة الوطنية الحديثة، وهذا مشروع طويل، لا بد من العمل لتحقيقه، وإن كانت تقف أمامه جبال من التخلف.

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *