عبد الله بن علي الدبيان يكتب: الشيخ محمد بن سليمان العليط
[في وفاة زاهد بريدة وعالمها الشيخ محمد بن سليمان العليّط رحمه الله وغفر له]
آخر حديث قرأته على الشيخ محمد العليّط رحمه الله وكان ذلك مغرب السبت ١١ شوال ١٤٤٥ في مسجد الحميدي من كتاب (الجمع بين الصحيحين للإشبيلي رحمه الله)
ولا أزال أذكر شرحه بيده لمعنى (وعَقَد ثلاثة وخمسين).
لستُ من الملازمين للشيخ، ولكن حضرتُ عنده قليلاً مع الأسف، وكان الشيخ على ما ظهر لي يرتاح لكتاب الجمع بين الصحيحين ويعيش أجواء الأحاديث، فأحياناً يبكي ومرة يضحك وأخرى يتعجب، كان حاضر الذهن مركزاً جداً في القراءة يتأثر بمواقف الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم ويبكي.
ولا تكاد تأتي كلمة غريبة في النصوص إلا ويفسرها لي بأوضح بيان، وأحياناً يشرح ويوضح على الأرض بيده كأنه يكتب، وإذا سألته أتى بالعجائب والدرر، فهو واسع العلم لكنه لا يُظهر ذلك.
وكان أحياناً يأتي باللطائف، فمثلاً عندما مرّ بنا قول المؤلف (تفرد به البخاري) يقول الشيخ العليط: البخاري البخاري يكررها ويقول: رأيته هالايام في المنام وكان طويلاً وجسمه كبير ثم يدعو للبخاري ويتأثر.
وعندما يقول المؤلف (عن عائشة رضي الله عنها) يعلّق شيخنا العليط ويقول: رأيت عائشة رضي الله عنها في المنام ثلاث مرات أحدها واقفة هي والنبي صلى الله عليه وسلم.
فسألت الشيخ العليط: كم مرة رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام؟ فقال: رأيته أربع مرات مرّة هو وعائشة رضي الله عنها واقفين بمكة. ومرّة جالساً عندنا بالدرس.
ومن اللطائف: عندما مرّ بنا حديث الإسراء وفيه مراجعة موسى لمحمد صلى الله عليهما وسلم في فرض الصلوات: (ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف..)
قال الشيخ العليط وهو يبتسم: قُرئ هذا الحديث على الشيخ ابن سليم الأول وكان فيه امرأة كبيرة بالسن تستمع للدرس، فبدأت تصفق بيديها وتقول: يكفي يا موسى يكفي يا موسى. يرويها الشيخ العليط وهو يضحك.
وعندما مرّ بنا حديث عائشة رضي الله عنها: (وأتعرق العَرْق وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيّ) قال الشيخ العليط: العرْق: العظم المأكول منه، وهذا من حبه صلى الله عليه وسلم لعائشة، والحين لو الواحد يعطي غيره العظم قال: وع.
ومرّة نقل الشيخ فائدة سمعها من الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، فقلت: هل قرأت على الشيخ ابن ابراهيم؟ قال: ما قرأت لكن حضرت الدروس.
وسألت الشيخ العليط عن تلميذه الشيخ عبد الله الدويش رحمه الله ماذا كان يحفظ؟ فقال: الدويش كلشن قرأ عليّ وهو آية من آيات الله قرأ علي البخاري حفظاً وغيره من الكتب الكبيرة وكان يطالع وهو يتعشى معه كتاب، وله دروس بمساجد كثيرة إلى الليل لكن الشيخ أصابته عين.. ثم ذكر موقفاً في زيارته له بالمستشفى قبل وفاته.
وسألت الشيخ العليط عن الكتب التي قرأها على الشيخ عبد الله بن محمد ابن حميد رحمه الله؟ فقال: قرأت عليه الروض المربع وزاد المعاد وغيرها، وكنت عن يمين الشيخ ابن حميد وأول من يقرأ على الشيخ.