عبد الله سعيد الصامت يكتب: من يحكم أمريكا؟
عندما يُطلب منك أن تكون مسلمًا معتدلًا كما يشاؤون هم، لا كما تشاء أنت.
عندما يُطلب منك أن تكون علمانيًا، لأن الإسلام كذا وكذا.
عندما يتهم دينك بالإرهاب، وتدينك بالرجعية، والتخلف والتطرف،
قبل أن تفكر في ذلك.
اعرف من يحكم أمريكا أولًا، هذه الدولة التي تحكم العالم، وتدعي أنها تنشر الديمقراطية وقيم الحرية،
ثم اسأل نفسك لماذا تقف كل هذا الوقوف إلى جانب الكيان الصهيوني؟
لماذا تقدم الدعم اللا محدود؟
لماذا تؤيده في احتلال فلسطين، ومحاربة المسلمين؟
لماذا نقلت سفارتها إلى القدس؟
لماذا تتخذ حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن ضد أي قرار يصدر بحق إسرائيل؟
لماذا تصرح علنًا أنها لن تتخلى عن حماية إسرائيل، والدفاع عنها، بكل الطرق؟
لماذا لم يتوقف تدفق السلاح من أمريكا إلى إسرائيل؟
قد تنظر من زاوية معينة، فترجع الأمر إلى المصالح التي تُشعل من أجلها الحروب، وتقوم لأجلها الصراعات بين الدول،
وتقول: بأن أمريكا تدافع عن مصالحها، وإسرائيل تعتبر قاعدة عسكرية متقدمة لها في الشرق الأوسط من أجل حماية مصالحها،
أو تكون مع الذين ينظرون من زاوية ثانية، وتقول: أمريكا تقف إلى جانب إسرائيل، بسبب تعاطفها الإنساني مع اليهود لأنهم شعب مظلوم، وقد تعرضوا لمعادات السامية ومذابح الهولوكوست.
أو تقول: إن أمريكا لا تثق بالأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط، لذلك تفضل دعم إسرائيل هناك بنفسها،
أو لأن اليهود يتحكمون بالاقتصاد العالمي.
كل هذا أو غيره لم يكن هو السر والعامل الهام والأساسي في وقوف أمريكا هذه المواقف إلى جانب إسرائيل، بهذا الشكل المتعصب والمُفرط.
إن السبب الهام والأساسي في وقوف أمريكا إلى جانب الكيان الصهيوني المحتل للأرض العربية، في حقيقته يعتبر سببًا دينيًا بحتًا، في المقام، وما الأسباب الأخرى، الا ذرائع تتذرع بها الإدارة الأمريكية المتعاقبة، إذ تسيطر على القرار الأمريكي (الصليبية المتصهينة)، وهي فكرة دينية، تجمع بين العقيدة المسيحية واليهودية.
نشأت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين،
كتحالف بين الكنيسة (الإنجيلية) والصهيونية،
وتحمل أهم التفسيرات للكتاب المقدس عند المسيحيين، حيث بدأت هذه الحركة كجزء من تفسير إنجيلي لبعض النبوات الكتابية، حول نزول المسيح،
تؤكد أن النصوص المقدسة تعكس وعدًا إلهيًا للشعب اليهودي بالعودة إلى أرض فلسطين،
وهذا الوعد لن يتحقق إلا في ظل الدولة اليهودية، التي ستحمي المسيح عند نزوله في بيت المقدس.
الداعمون لهذه الفكرة يؤمنون بشرعية الحملات الصليبية، سيئة السمعة، التي استمرت لفترة طويلة، وكانت تهدف إلى انتزاع بيت المقدس من أيدي المسلمين.
هذا يعني أن العقيدة الصليبية في القرون الوسطى، التي كانت تقف خلف تلك الحملات إلى الشرق الأوسط، لا تزال متجذرة في عقيدة اليمين المسيحي إلى اليوم، حيث يعتبر دعم إسرائيل التزامًا وواجبًا دينيًا لا نقاش فيه.
اللاهوت الصهيوني يعتبر أن العودة اليهودية إلى فلسطين هي جزء من خطة الله النهائية للبشرية.
تعتبر الصليبية المتصهينة واحدة من الظواهر الدينية والسياسية المعقدة التي نشأت في القرن العشرين، وترتبط بشكل وثيق بتوحيد الهدف المشترك، الذي جمع بين المسيحية اليمينية المتشددة والصهيونية.
للمسيحية المتصهينة قاعدة عريضة في أمريكا، إذ تقدر بما يزيد عن 70 مليون يتقدمون الصدارة في المجتمع، وهم أصحاب النفوذ السياسي والمتحكمين بالقرار الأمريكي، والهيمنتهم على رأس المال، كما تحظى بدعم اليمين المسيحي المحافظ.
ألفت العديد من الكتب والدراسات البحثية عن الصليبية المتصهينة، ولها الكثير من المنظرين «الكهنة المسيحيين واليهود» المتطرفين، الذين يظهرون الكراهية للإسلام،
أمثال الكاهن الإنجيلي، المبشر، صاحب منظمة «صليب الأمل» بلي جرام،
الذي يسب ويطعن في شخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي يعتبر من أبرز الشخصيات التي تروج للعلاقات الوثيقة بين المسيحية والصهيونية،
وجون هاجي، مؤسس المنظمة المسيحية المتحدة من أجل “إسرائيل”، ويعمل على تشجيع ودعم إسرائيل، ويعتبر ذلك واجبًا دينيًا على المسيحيين،
بات روبستون، مؤسس شبكة «المسيحية المناهضة»،
والكثيرين غيرهم من الكهنة المتطرفين الموالين للصهيونية.
يرتبط القرار السياسي بالمسيحية المتصهينة، ارتباطًا قويًا في الولايات المتحدة، فالرؤساء الأمريكيون على سبيل المثال منذ «رونالد ريجان» 1981‐1989 إلى اليوم، هم من المنتمين إلى هذه الحركة، المؤيدين لها بلا حدود، والذين يعلنون الولاء لإسرائيل بلا حدود، والذين يعلنون دائمًا، أن لها الحق في الدفاع عن نفسها، بغض النظر عن صوابية تصرفاتها.