السبت أبريل 27, 2024
مقالات

عبد المنعم إسماعيل يكتب: الأمة بين الكتل الفاعلة والكيانات المتنازعة

لا زالت الأمة العربية والإسلامية تعاني من اشكاليات العجز عن ضبط بوصلة التفريق بين بناء الكتل الفاعلة أو السقوط في تيه الكيانات المتنازعة. وسبب نشوء الصراع أو الخلاف حول هذه النقطة عدة أمور منها:

الجهل بطبيعة البناء الجماعي للأمة العربية والإسلامية حيث أن أمتنا منذ نشأتها لم تفارق المكونات الجزئية المكونة للبناء الشامل فقد كان في الأمة مهاجرين وأنصار واهل اليمن ودوس وغيرهم أهل مكة والمدينة وكان مصطلح البادية موجود بشكل عام يعم كل الجغرافيا ثم العراق والشام والكوفة خاصة بأنها كان لها السبق في التأثير داخل البناء الجماعي للأمة العربية وكانت مصر والمغرب العربي ثم ما وراء النهر وكان لكل مكون خصائصه الاجتماعية والنفسية والعقلية التي نجح الاسلام في الحفاظ على النقاط الإيجابية فيها ولم يتصادم الدين الحق مع نقاط المروءة والفضيلة في المجتمعات متعددة القوميات بل أقر الاسلام عدة مصطلحات كانت قائمة في حياة الشعوب المتنوعة ولم يسعى الاسلام لصناعة صراع مع مفردات مجتمعية لا تضاد حقيقة الإسلام وثوابت الشريعة وهذا جعل البناء العام للامة يتصف بالمرونة واليسر بلا وجود أي مظاهر للنزاعات المهلكة نتيجة اوهام التعصب الحزبي القائم على كتل التنازع المؤسس لحدود الدم كما أرادها غربان النظام الدولي في القرن المعاصر منذ قدرته في تفجير الكتل المكونة للأمة تحت شعار هجر التحزب مما نتج صراع متوالي الهلاك حال الصدام مع سنن البناء المجتمعي للأمة العربية والإسلامية بشكل عام أو كل دولة بشكل خاص.

متى يفهم القائمون على حقول التنمية الثقافية والفكرية والهيئات والمؤسسات التعليمية والأكاديمية أهمية التفريق بين أهمية بناء الكتل المكونة للبناء الوطني بمنع النزاعات المدمرة بين الفرق والأحزاب المعاصرة أو الكيانات الموجودة أو التي أوجدتها طبيعة التغيرات المجتمعية أو تلاقي الأدمغة الفارغة من فكرة الاعتصام في الأصل أو المدركة للاعتصام ولكن على وفق المحددات الخاصة بكل فصيل ومن ثم تصبح تلك الكتل عبئ على الأمة وهنا ينجح العدو المتربص بالأمة العربية والإسلامية بناء إشعال فتيل الحريق عقب تفجير حدود الدم بين تلك الكيانات داخل كل دولة وان استطاع داخل كل مدينة متعددة العقول لفعل؟

هل من العقل والانصاف أن تبقى الأمة في دائرة الاستهلاك الوظيفي على مدى قرنين من الزمان الماضي والحاضر؟

هل من الوعي للتحديات الموروثة والقائمة والقادمة الاستمرار في تيه الخلل العقلي حال الجهل بحقيقة بناء الامة الجامعة لكل المكونات الفاعلة بصحبة التنازع وهجر التعايش مع حراسة كليات الثوابت وإدارة فرعيات المسائل؟

الخلاصة:

يجب أن نفهم كارثة التفكير الأحادي الساعي نحو الجهل بطبيعة الكيانات والانتقال نحو إدراك حقيقة التعاون بعيدا عن تغيير قطعيات الدين والمسائل الفقهية واحترام الميول النفسية والاجتماعية بعيدا عن هوس التعصب المدمر للنفس والوطن حال قبول همجية العصبية الجاهلية أو جهل حكمة التنوع العقلي المقيم لصحة البناء الفكري والنفسي للأمة العربية والإسلامية.

يجب التفريق بين الكيانات القائمة على التنوع الفقهي أو التعدد في الرؤية المجتمعية وبين أوكار الضلال والخلل العقدي التي لها حق التعايش وليس التعاون

مع بقاء سنة التدافع بين الحق والباطل مثل أوكار الانتماءات الشيعية أو الباطنية الخمينية المهددة لكيان الأمة بشكل عام.

ليس من الإنصاف أن يفهم أحد أن الحديث عن التعايش ليس اقرار للباطل والحديث عن المفاصلة مع الباطل ليس فتحا لعشوائية النزاع والصراع داخل الامة على كل الجغرافيا من البيت والقرية والمدينة والدولة والأمة.

إن محاولات الدمج والربط بين الاصلاح وتفكيك الكيانات الفاعلة درب من درب الهدر المتعمد للطاقات والامكانيات المكونة في الأفراد والكيانات وهذا ليس معناه اقرار نقاط الخلل لمجرد الهدف المنشود وهو الاعتصام فدرب السلامة التعاون لا يعني تجاهل التصحيح والتصحيح لا يمنع الاستفادة مما عند مكونات الأمة وأن كان فيها أخطاء.

حافظوا على مكونات البناء الأممي وأصلحوا الكيانات المؤسسة لفكرة التنازع لتبقى فاعلية الأفراد نحو الأمة وليس لكبح فاعليتهم على طول الطريق العشوائي الذي يجعل الأمة تمشي في طريق عكس سنن التغيير والإصلاح حال الحرص على إشعال حروب القضاء على الكيانات حال العجز عن تحويلها لكتل فاعلة والله المستعان.

Please follow and like us:
عبد المنعم إسماعيل
كاتب وباحث في الشئون الإسلامية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب