عزالدين عويد أبو البشير يكتب: عيد الميلاد.. وشيئا من أحكام أهل الذمة
ينظر الإسلام لجميع الناس أنهم عباد لله؛ لكن منهم من يؤمن برسله كلهم، ومنهم من يكفر بهم أو بأحدهم، فهؤلاء كلهم في نظر الإسلام كفار، والكفار على أحوال: فمنهم المحارب، ومنهم الذمي، ومنهم المستأمن، ومنهم المعاهد، وما يهمنا هنا هو الذمي، فأهل الذمة هم الكفار الذين عزموا الإقامة الدائمة في بلاد المسلمين، فهؤلاء يصبحون جزءا من رعايا الدولة، لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين من الحقوق والواجبات؛ إلا ما استثناهم الشرع من هذا العموم، ولا اعتبار لما يسمى اليوم بالأقليات، فهذا مفهوم غربي نتج عن الدولة القومية عندهم.
والإسلام جاء لجميع البشر، وأمر المسلمين أن يخاطبوا غيرهم بالإسلام، وأن يبلغوهم دين ربهم الذي أنكروه جهلا أو ضلالا، قال تعالى:
﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ﴾
أي أن الغاية من إيجاد الأمة الإسلامية، أن تُبلِّغ الناس دين ربهم، فتأتي الأمة يوم القيامة شاهدة على الناس أنها قد بلغتهم الإسلام، ويأتي النبي محمد ﷺ ويشهد على الأمة أنه قد بلغها الإسلام، فإن قصرت الأمة في التبليغ، فإنها في إثم وإثم عظيم.
وقد أمر الله عز وجل رسوله محمدا ﷺ والأمة من ورائه أن يحكم بين الناس جميعا بالإسلام، فقال عز وجل:
﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا﴾ وكلمة الناس هنا عامة تشمل جميع الناس،
وقال تعالى في حق أهل الكتاب:
﴿فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّ﴾
وقال: ﴿فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّ﴾
وقد حكم النبي ﷺ والخلفاء من بعده بين الناس جميعا بالإسلام، والشواهد على ذلك كثيرة لا يسعها المقام.
إلا أن الشرع استثنى أهل الذمة من أمور، منها أنهم لا يكرهون على ترك عقيدتهم قال تعالى: ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ﴾، وكتب النبي ﷺ إلى أهل اليمن: «أنه من كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يفتن عنها، وعليه الجزية» أخرجه أبو عبيد في الأموال من طريق عروة، وهكذا كل أمر يندرج عندهم في باب العقيدة فلا يفتنون عنها، وما أقرهم النبي ﷺ عليه من مثل شرب الخمر وزيجاتهم؛ كل ذلك يسمح لهم به أن يقام بأماكنهم الخاصة.
أما الأماكن العامة، كالساحات والأسواق والحدائق، فإنهم يلتزمون بالقانون العام، ويعاقبون على إظهار أي شيء مخالف للشرع، حالهم كحال أي مسلم، فلا يجوز لهم في الأماكن العامة رفع الصلبان، أو النجمة السداسية، أو إشعال النار، أو وضع صنم، أو ما شاكل ذلك من رموز الكفر، ولا يجوز أن تخرج المرأة سافرة كاشفة لشيء من العورة، ولا يجوز لهم شرب الخمر، كل ذلك في الأماكن العامة؛ على اعتبار أن الشرع ألزم الجميع بحكم الإسلام، واستثنى لهم منها ما هو متعلق بحياتهم الخاصة، وفي أماكنهم الخاصة، أما ما سوى ذلك، فهم والمسلمون سواء فلا يميز بينهم مطلقا.
وعليه فإن وضع شجرة عيد الميلاد في الساحات، ورفع الصلبان؛ هذا أمر لا يقره الشرع، والواجب على المسلمين دعوتهم لدين ربهم الذي غفلوا عنه، فهذه أمانة الله في أعناقنا، والتقصير في دعوتهم لدين الله، وتركهم في ضلالهم؛ لهو خيانة لهم، وخيانة لدين الله الذي أمرنا بتبليغه، قال تعالى: ﴿قُلۡ يَٰأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ سَوَآءِۭ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَيۡـٔٗا وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُولُواْ ٱشۡهَدُواْ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ﴾.
عزالدين عويد أبو البشير/ ناشط سياسي.
منتدى قضايا الثورة