فراج إسماعيل يكتب: قطر جيت

ما هي (قطر جيت) Qatargate التي أطلقتها الصحافة الإسرائيلية وتناقلها الإعلام العالمي؟
القصة بدأتها صحيفة هآرتس ثم أمسك جهاز بها الشاباك (الأمن الداخلي) ووصلت إلى القضاء.
تقول القصة إن اثنين على الأقل من مساعدي نتنياهو -يوناتان أوريتش وإيلي فيلدشتاين- تلقيا رشاوي من الحكومة القطرية لتعزيز صورة الدوحة في إسرائيل.
تصاعدت القضية يوم الاثنين عندما تم القبض على أوريتش وفيلدشتاين وتم استدعاء نتنياهو للاستجواب في تحقيق وصفه بأنه «مطاردة سياسية» من الشاباك بسبب قيامه بإقالة رئيسه.
في فيديو بعد استجوابه قال نتنياهو: «إنهم يحتجزون يوناتان أوريش وإيلي فيلدشتاين كرهائن». تشبيها لهما بالرهائن في غزة مما أثار غضب الرأي العام الإسرائيلي.
يُتهم أوريش وفيلدشتاين، الذي لم يعد يعمل لدى نتنياهو، بأنهما تلقيا أموالًا من قطر لنشر رسائل مؤيدة لها في وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، والتي ساعدت قطر في التوسط فيها.
بحسب وثائق المحكمة التي اطلعت عليها شبكة CNN، يزعم الادعاء أن الرجلين «عملا على نقل رسائل إلى الصحفيين بطريقة عرضت مقالات متعاطفة مع قطر في وسائل الإعلام، مما قلل من دور مصر كوسيط عادل في الصفقة، في حين أملى أجندة وسائل الإعلام».
ويواجه المتهمان اتهامات تشمل الاتصال بعميل أجنبي، والرشوة، وغسل الأموال، وخيانة الأمانة والاحتيال، كما وصفها القاضي مناحيم مزراحي في جلسة استماع في محكمة الصلح في ريشون لتسيون يوم الثلاثاء بعد رفع أمر حظر النشر في القضية.
عمل يوناتان أوريتش بشكل وثيق مع نتنياهو معظم العقد الماضي منذ أن بدأ العمل كمدير لوسائل التواصل الاجتماعي لحزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء.
كما أنه شريك في ملكية شركة استشارات إعلامية تُدعى «بيرسبشن» مع يسرائيل إينهورن، الذي عمل أيضًا مع نتنياهو.
ووفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، تم التعاقد مع “بيرسبشن” لتحسين صورة قطر قبل كأس العالم لكرة القدم 2022، وهو ما نفاه أوريتش والشركة آنذاك.
ويخضع إيلي فيلدشتاين بالفعل للتحقيق بتهمة تسريب وثائق سرية إلى الصحفيين خلال الفترة القصيرة التي عمل فيها بشكل غير رسمي متحدثا باسم رئيس الوزراء للشؤون العسكرية.
وبحسب التقارير، كان نتنياهو يسعى إلى عرض دور أكثر ديمومة على فيلدشتاين، لكن بعد فشله في الحصول على الموافقة الأمنية اللازمة، ظل متعاقدًا خارجيًا.
في الشهر الماضي، ذكر تحقيق أجرته القناة 12 الإسرائيلية أن فيلدشتاين، أثناء عمله مع نتنياهو، كان يتلقى راتبًا من جاي فوتليك، وهو عضو معروف في جماعة ضغط أمريكية لصالح قطر.
وأفادت تقارير أخرى يوم الاثنين أن فيلدشتاين روّج لقطر لدى الصحفيين الإسرائيليين ورتب لهم رحلات إلى الدوحة.
ويمتلك فوتليك شركة استشارية، تُدعى «ثيرد سيركل إنك»، مسجلة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب الأمريكي (FARA) على أنها تعمل لصالح قطر.
وقالت محكمة إسرائيلية يوم الثلاثاء إن الشكوك تتعلق بشركة «ثيرد سيركل» وبأموال تهدف إلى «إظهار صورة إيجابية عن قطر» فيما يتعلق بدورها كوسيط في هدنة واتفاق إطلاق سراح الرهائن في غزة.
ومن الأسماء الأخيرة التي ارتبطت بالقضية رجل الأعمال الإسرائيلي جيل بيرجر، الذي صرح هذا الشهر لهيئة الإذاعة الإسرائيلية الرسمية أن فوتليك طلب منه دفع أجر لفيلدشتاين من خلال شركته.
رئيس قسم الدراسات السياسية في جامعة بار إيلان، جوناثان رينهولد، قال لوكالة فرانس برس إن هذه القضية “تربط كل الأمور السيئة المتعلقة بنتنياهو في حزمة واحدة”.
زادت هذه القضية من الضغوط على نتنياهو، الذي دخل في صدام مع السلطة القضائية بسبب إقالة رونين بار، رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك).
يقول المحللون إن رفع حظر النشر عن تلك (الفضيحة) قد يؤدي أيضاً إلى تعريض علاقة تل أبيب المتصدعة بالفعل مع مصر، جارتها والوسيط الرئيسي في مفاوضات وقف إطلاق النار، لمزيد من الخطر.
كتب دان بيري، رئيس تحرير شؤون الشرق الأوسط السابق في وكالة أسوشيتد برس، لصحيفة «ذا فوروارد»: مصر هي الحليف العربي الأهم لإسرائيل. كانت أول دولة في المنطقة تقبل إسرائيل، وتشترك معها في حدود بطول 200 كيلومتر.
وأضاف بيري إن المخاطرة بهذه العلاقة لكسب ود قطر ستكون قصر نظرٍ مُذهل، وهي مخاطرةٌ حقيقية: فالنظام المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي عدوٌّ رئيسيٌّ لشبكة تنظيمات الإخوان المسلمين الإقليمية، التي تدعمها قطر.
واستطرد في مقاله: إن الانهيار الداخلي للحكم الإسرائيلي يتعارض مع الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في غزة، ومنع التصعيد مع حزب الله، وإدارة صراعات النفوذ في الخليج.
صرح مسؤول حكومي قطري لوكالة فرانس برس بأنها ليست المرة الأولى التي نتعرض فيها لحملة تشويه من قِبل أولئك الذين لا يريدون نهاية لهذا الصراع أو عودة الرهائن المتبقين إلى عائلاتهم.
دافع نتنياهو عن مساعديه يوم الأربعاء، قائلاً إن قطر «دولة معقدة… لكنها ليست دولة معادية».
ومع ذلك، لم يتضح بعد كيف ستتطور هذه القضية.
«هل سيضطر للتضحية بهذين الشخصين؟ إذا ضحى بهما، فهل سيفتحان (أفواههما)؟» تساءل البروفيسور جدعون راهط من الجامعة العبرية.
وأضاف راهط أن رئيس الوزراء يقاوم في الوقت الراهن «ويصور الأمر كما لو أن جهاز المخابرات يلاحقه لأنه يريد طرد رئيسه».
اعتبر الإسرائيليون الكشف عن هذه القضية محاولةً لتقويض مؤسسات الدولة وإطالة أمد الحرب في غزة، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب أهلية وأزمة دستورية.