فرامرز صفا يكتب: هل يعزز انفجار بندر عباس العقوبات الدولية؟

في حادثة هزّت مدينة بندر عباس، إحدى أهم المراكز الاقتصادية والتجارية في إيران، وقع انفجار مدوٍ في مستودعات شركة “بناجستر” التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية. هذا الحادث، الذي وقع في منطقة سينا، لم يقتصر على إحداث أضرار مادية جسيمة فحسب، بل أثار تساؤلات عميقة حول الأنشطة العسكرية للنظام الإيراني، لا سيما فيما يتعلق ببرنامجه الصاروخي. بندر عباس، التي تُعتبر بوابة إيران التجارية الرئيسية ومركزاً للصناعات العسكرية الحساسة، باتت محط أنظار العالم بعد هذا الانفجار الذي كشف عنه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
تفاصيل الحادث
وفقاً للمعلومات المتوفرة، وقع الانفجار في مستودعات شركة “بناجستر”، إحدى الشركات التابعة لمجموعة “سباهان إنرجي” التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية.
هذه الشركة تلعب دوراً محورياً في توفير المواد الأولية لإنتاج الوقود الصلب المستخدم في الصواريخ الباليستية.
وفي هذا السياق، أفصح المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عن تفاصيل دقيقة حول الحادث:
طبقاً لكشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية:
وقع انفجار الحاويات في منطقة سينا بمستودعات شركة “بناجستر”.
المادة المتفجرة هي بيركلورات الصوديوم، التي تُستخدم كوقود صلب في الصواريخ الباليستية.
شركة بناجستر هي إحدى الشركات التابعة لمجموعة “سباهان إنرجي” التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية،
والتي خضعت لعقوبات من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفك) في 29 نوفمبر 2023.
هذا الإفصاح يكشف بوضوح طبيعة المواد المتفجرة المخزنة، وهي بيركلورات الصوديوم، وهي مادة حساسة للغاية تستخدم في تصنيع الصواريخ.
هذا الانفجار لم يشكل خطرًا على العاملين والسكان المحليين فحسب، بل أعاد إحياء الجدل حول برنامج إيران الصاروخي.
السياق التاريخي
تتمتع بندر عباس بموقع استراتيجي على الخليج، بالقرب من مضيق هرمز، مما يجعلها مركزاً حيوياً للأنشطة الصناعية والعسكرية والتجارية في إيران.
تستضيف المدينة منشآت حساسة، بعضها مرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر ببرامج النظام العسكرية.
شركة بناجستر، كجزء من مجموعة سباهان إنرجي، خضعت لمراقبة دولية مكثفة بسبب دورها في دعم برنامج الصواريخ الباليستية.
العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في نوفمبر 2023 تؤكد هذه الهموم الدولية.
شهدت إيران في السنوات الأخيرة حوادث مماثلة في منشآتها الصناعية والعسكرية، بعضها نُسب إلى سوء الإدارة وسوء معايير السلامة،
بينما أثارت أخرى شكوكاً حول عمليات تخريب.
في حالة بندر عباس، لم تصدر السلطات الإيرانية بعد تقارير رسمية توضح أسباب الحادث،
لكن إفصاح المجلس الوطني للمقاومة يسلط الضوء على الأبعاد العسكرية لهذا الحدث.
التداعيات المحلية والدولية
على الصعيد المحلي، كشف هذا الانفجار عن نقاط ضعف كبيرة في إدارة المنشآت الصناعية والعسكرية في إيران. غياب معايير السلامة الكافية،
وضعف الرقابة، وعدم الشفافية في أنشطة شركات مثل بناجستر، يشكل تهديداً مباشراً للعاملين والمجتمعات المحلية.
كما أن هذا الحادث قد يؤجج الاحتجاجات الشعبية التي تصاعدت في السنوات الأخيرة نتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية.
على المستوى الدولي، عزز هذا الحادث المخاوف بشأن برنامج إيران الصاروخي. بيركلورات الصوديوم،
كمادة أساسية في إنتاج الوقود الصلب للصواريخ، تخضع لمراقبة دولية صارمة.
إفصاح المجلس الوطني للمقاومة حول طبيعة المواد المتفجرة وارتباطها بالبرنامج الصاروخي قد يؤدي إلى تصعيد الضغوط الدبلوماسية والعقوبات ضد إيران، خاصة في ظل المفاوضات النووية الجارية.
المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي تأسس عام 1981، يعتبر من أبرز المنظمات المعارضة للنظام الإيراني. تحت قيادة مريم رجوي،
لعب المجلس دوراً مهماً في كشف الأنشطة العسكرية والنووية للنظام.
إفصاحه عن تفاصيل انفجار بندر عباس يعكس التزامه بفضح ممارسات النظام وجذب انتباه المجتمع الدولي إلى مخاطر برامجه العسكرية.
انفجار بندر عباس ليس مجرد حادث صناعي، بل حدث ذو أبعاد سياسية وعسكرية ودولية. هذا الحادث يبرز المخاطر الكامنة في الأنشطة العسكرية للنظام الإيراني،
حتى في المنشآت التي تبدو مدنية. إفصاح المجلس الوطني للمقاومة عن طبيعة المواد المتفجرة يؤكد الحاجة إلى رقابة دولية أكثر صرامة على أنشطة إيران.
في ظل غياب توضيحات رسمية من السلطات الإيرانية، يتعين على المجتمع الدولي التحرك بحذر لتقييم تداعيات هذا الحدث على الأمن الإقليمي والدولي.
فرامرز صفا.. كاتب وباحث إيراني