قامو عاشور تكتب: الأنظمة الاستبدادية واضطهاد المرأة؛ إيران نموذجاً
لقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر، والتكريم هنا لكل بني آدم دون تمييز لذا لم يتكب العبودية على البشر ورفض إذلالهم واستضعافهم، كما لم يفرض للرجال حقاً باستضعاف النساء وأكل حقوقهن واستعبادهن ولم يجعلهن في مراتب متدنية لينتقص منهن الرجال أو ينتقصن من بعضهن، وقد بغض الله الطغيان وحرم الفسق والفجور والعصيان ومن خرج عن حد الله ماذا يكون.
لقد مجد الله الإنسان الذكر والأنثى وأوصى بالوالدين فقال (وأوصينا الإنسان بوالديه) وبين حق الأم وما قدمته وأنزل في كتابه العزيز القرآن الكريم سورة للنساء فصل فيها الحقوق والموازين ولم يُنزل سورة باسم الرجال، وأوصى النبي المصطفى الكريم بالنساء خيراً وبالتقوى بين العباد لكننا كبشر خرج الكثير منا عن قيم الإسلام فظلم نفسه بظلم غيره وما ربك بظلام للعبيد، وأكثر من خرج قيم الإسلام هم من اولئك الذين يدعون باسم الإسلام ونسوا الله فأنساهم أنفسهم وأكثر الخروج في ذلك ما هو قائم في إيران بحق الإنسان بشكل عام وبحق النساء والإناث بشكل خاص على يد نظام استبدادي استخدم الدين وسيلة من أجل السلطة.
كرم الله فيه المرأة ورفع من شأنها حرية وكرامة لتعمل وتعيش وتتحرك كأم يقوم على رفعتها وعلو قدرها قدر الإنسانية جمعاء لذلك يجب أن تحميها كافة القوانين والتشريعات وأن تنظر الدوائر القانونية في تشريعات إضافية أكثر لأجلها، واليوم في الوقت الذي تنهض فيه موريتانيا رغم الصعاب ورغم قلة وضعف الموارد ها هي تمارس دورها في الحياة النيابية والأكاديمية والسياسية والقيادية وفي حماية الوطن أسوة بالرجال في وقت يُعد بالمثالي نظرا قياساً بعمر الدولة الموريتانية المعاصرة وكلها أمل في الوصول بالمجتمع الموريتاني إلى قمة الحرية والتطور، وها هي المرأة العاملة في موريتانيا تجد مكانتها وتشق طريقها بتأنٍ واثقة الخُطى نحو تحقيق الأهداف؛ نجد في الوقت ذاته بدولة مثل إيران متعددة الموارد والقدرات وفي ظل نظام الملالي الحاكم باسم الإسلام ولم يراعي وصايا الإسلام ونبيه بحق المرأة لا تزال المرأة في إيران مجرد سلعة في بعض الإحيان، ومخلوقٌ مُستخفٌ به ولا كرامة له؛ ولم يقتصر السلوك العنصري القمعي القائم في إيران اليوم على النساء بل شمل المفهوم الأوسع للاضطهاد الممارس على الإناث أي كل أنثى في إيران اليوم هي مستهدفة بمختلف أشكال التعسف والاضطهاد إلى حد هتك الحرمات والمساس بالكرامة والقوت اليومي وممارسة سياسة الإكراه التي يرفضها الإسلام وسلب الحرية وصولا إلى الموت سواء في الشوارع كما حدث في انتفاضة عام 2022 الوطنية التي قام بها الشعب الإيراني وقادتها وحمتها النساء وكانت إحدى أكبر جرائم الإبادة الجماعية البشعة التي قام بها نظام الملالي بحق الإناث في إيران هي عمليات الهجمات الكيميائية طويلة الأمد الموجهة ضد فتيات المدارس من المرحلة الإبتدائية صعوداً إلى مرحلة ما قبل الجامعية كل ذلك من أجل كبح مسيرة نهضة المرأة الإيرانية الداعية إلى إسقاط النظام، ولم يتخذ النظام الإستبدادي القائم أي إجراء لاعتقال ومحاسبة الجناة حتى لو كان أمراً شكلياً أو كإجراءات يثبت بها حسن نواياه أو يعالج من خلالها جرائمه وخطاياه المفضوحة للعلن في حين تمكن من تعقب عشرات الآلاف من المتظاهرين وأودعهم السجن وأعدم بعضهم.
أما ما يُثلج قلوبنا اليوم هو أن المرأة الإيرانية المناضلة اليوم لم يستطع الملالي تكميم فمها وسلب إرادتها وتزداد عزيمتها يوما بعد يوم وتقود الثورة في داخل إيران، وتقود السيدة مريم رجوي أكبر مجلس ثوري ديمقراطي في العالم يعترف به كل أحرار العالم وتسير خلف قيادتها متأسية بها جميع نساء إيران وأحرارها، ويحمل المجس بقيادتها مشعل الحرية لإيران وجميع مواطنيها ويضمن السلام لجميع دول وشعوب الشرق الأوسط والعالم.. ولا تزال مسيرة نضالهن متقدة متأججة وتحتفل احتفلت المرأة الإيرانية وأحرار العالم معها سنوياً بذكرى ثورة فبراير المسروقة ويسعى الشعب لاستعادتها وتحقيق أهدافها.
كتب الله الرحمن الرحيم العزيز الكريم على العباد العدل والإحسان والتراحم، ولم يكتب على نفسه الرحمة لعباده ثم يُنزل عليهم ألوان العذاب في رسالاته السماوية كما يظهر إلا بسبب بعض الممارسات الاجتماعية والدينية الخاطئة والمتحدثين والمتصدرين باسم الدين بالباطل، أو من أولئك الذين يجهلون حقيقة دينهم لكنهم يتصدرون أمور العباد باسم الدين بسطوة المال والسلاح بل بالتراحم والعدل والإحسان والبر وإغاثة الإنسان لأخيه الإنسان كفرض عليه.. ولم يكتفي سحانه وتعالى بذلك من أجل الإنسان وقد أوصى بذلك أيضاً من أجل الحيوان والنبات والبيئة تيسيراً لحياة الإنسان على الأرض.
أمر الله بالتفكر والتدبر، وبقليل من الإمعان يجد المرء منا وبدون مزايدة أن المرأة كل المجتمع أم الرجل أخته وزوجته ومعلمته وشريكته، أم المجتمع مربية الرجال والنساء وشريكة للرجال في حمل المسؤولية الوطنية والأسرية.. شريكته في الإنتاج وفي كامل الوجود، وبالتالي فإن المساس بحق وكرامة المرأة عارٍ يهدم المجتمع.. عارٌ يمس بكرامة ووجود الأحرار والمصلحون الحقيقيون وكل مؤمن صادق بالله العزيز القهار.
أغتنم اليوم مناسبة عيد العمال العالمي لأحيي عمال موريتانيا والمرأة العاملة فيها وكافة عمال العالم، وأتضامن وأدعو كل حر في هذا العالم وفي موريتانيا وإيران إلى التضامن مع العمال المناضلين من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، والتضامن مع المرأة الإيرانية العاملة الثائرة التي تعاني من عبودية معاصرة وهي جديرةٌ بأن تكون في مكانة رفيعة مرموقة كريمة كما كتب الله لها ولكل امرأة حرة في هذا العالم.
ختاماً لا أرى في اضطهاد النساء وكافة العباد مروءة وأنتم أبنائهن وما فيكم من خير نتاجاً لهن، وما يبدر من سوء من النساء تذكروا أن ذلك من صنائعكم فقد كنتم آبائهن وأمهاتهن وقصرتم في رعايتهن وتربيتهن، ولا تضطهدوا العمال وهم عصب نهضة الأوطان وعزتها.
قامو عاشور/ نائبة برلمانية – موريتانيا