قرار الكونجرس الأمريكي 166: محطة في دعم تطلعات الشعب الإيراني للديمقراطية

لطالما لفت نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والديمقراطية أنظار المجتمع الدولي. ويجسد تبني قرار 166 من قبل الكونغرس الأمريكي انعكاسًا واضحًا لهذا الاهتمام المتزايد عالميًا.
حيث وقع على هذا القرار أكثر من 150 عضوًا من كلا الحزبين في الكونغرس، مؤكدين بذلك شرعية مطالب الشعب الإيراني في إقامة جمهورية ديمقراطية.
تم طرح القرار 166 في وقت يواجه فيه نظام الملالي أزمة عميقة على مختلف الأصعدة، من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان إلى القمع الداخلي والتراجع الإقليمي.
وقد كشفت الانتفاضات الشعبية المستمرة خلال السنوات الأخيرة عن الهوة العميقة بين النظام الإيراني وشعبه، الذي يطالب بالحرية والعدالة والمساواة.

وبرز دور النساء والشباب في مقدمة هذه الاحتجاجات، حيث أصبحت هتافات مثل “المرأة، المقاومة، الحرية” رمزًا للتحدي ضد النظام. واجهت هذه الانتفاضات قمعًا وحشيًا من قبل قوات النظام، لا سيما حرس النظام الإيراني، مما جعل الحاجة إلى دعم دولي أكثر إلحاحًا.
في هذا السياق، جاء القرار 166 كخطوة دولية هامة في الاعتراف بشرعية الاحتجاجات وحركات المقاومة الإيرانية.
يدين القرار 166 ممارسات النظام الإيراني القمعية، بما في ذلك المحاكمات الصورية ضد أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، والأنشطة الإرهابية خارج البلاد.
ويؤكد التزام الكونغرس الأمريكي، بمختلف توجهاته السياسية، بمواجهة سياسات النظام القمعية والتوسعية.
التأييد لخطة مريم رجوي ذات العشر نقاط
من أبرز نقاط القوة في القرار 166 دعمه الصريح لخطة مريم رجوي ذات العشر نقاط، والتي تقدم رؤية شاملة لمستقبل إيران بعد سقوط نظام الملالي.
تتضمن هذه الخطة مبادئ أساسية مثل فصل الدين عن الدولة، المساواة بين الجنسين، إلغاء عقوبة الإعدام، والالتزام بنظام ديمقراطي غير نووي، وهي مبادئ تتماشى مع القيم العالمية لحقوق الإنسان. وقد حظيت هذه الرؤية بدعم واسع النطاق من أكثر من 4000 برلماني حول العالم، بما في ذلك 243 عضوًا في الكونغرس الأمريكي، إلى جانب دعم 33 هيئة تشريعية، و130 قائدًا عالميًا سابقًا، و80 فائزًا بجائزة نوبل.
لا تعد هذه الخطة مجرد بيان سياسي، بل تقدم خارطة طريق عملية للشعب الإيراني. ومن خلال التركيز على هذه الرؤية، يدعو القرار 166 المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بدور أكثر فاعلية في دعم عملية التغيير الديمقراطي في إيران.
وهذه المقاربة، على عكس التدخلات العسكرية أو الضغوط الخارجية، تركز على تمكين الشعب الإيراني وتعزيز حركاته الداخلية، مما يضفي على القرار شرعية سياسية وأخلاقية كبيرة.
دور المرأة في الثورة الديمقراطية الإيرانية
يبرز القرار 166 بشكل خاص الدور الريادي للمرأة الإيرانية في مواجهة نظام الملالي المعادي للمرأة. وجاء في نص القرار:
“كانت النساء والفتيات الإيرانيات الهدف الرئيسي للقمع من قبل حرس النظام الإيراني، ولذلك أصبحن القوة الرئيسية في المقاومة ضد هذا النظام المعادي للمرأة. لقد رفعن شعارات ضد النظام مطالبات بالحرية، من بينها شعار ‘المرأة، المقاومة، الحرية’.”
كما يسلط القرار الضوء على وضع سكان أشرف-3 في ألبانيا، حيث يشير إلى أن أكثر من 900 منهم من السجناء السياسيين السابقين وشهود مجزرة عام 1988، الذين يعتبرون شهودًا أحياء على جرائم النظام الإيراني.

ويؤكد القرار ضرورة توفير الحماية الكاملة لهم بموجب اتفاقية جنيف لعام 1951 والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، باعتبار ذلك التزامًا قانونيًا وأخلاقيًا لضمان بقاء شهاداتهم في السجلات الدولية، تمهيدًا لمحاكمة الجناة مستقبلاً.
ويوجه هذا البند من القرار رسالة قوية للنظام الإيراني بأن محاولاته لإسكات أصوات المعارضين، سواء داخل البلاد أو خارجها، لن تنجح.
التداعيات السياسية والدولية
من منظور سياسي، يحمل القرار 166 رسائل متعددة الأبعاد:
*يسلط الضوء على الإجماع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة حول قضية إيران، وهو أمر نادر في ظل الانقسامات السياسية الحادة داخل الكونغرس. وقد عزز هذا الإجماع وجود شخصيات بارزة مثل توم مككلينتوك وبراد شيرمان كرؤساء مشاركين لمجموعة حقوق الإنسان والديمقراطية في إيران، إلى جانب نواب من مختلف التيارات السياسية مثل راندي ويبر وديبي واسرمان شولتز.
كما يبعث القرار برسالة حاسمة إلى المجتمع الدولي بأن دعم حقوق الإنسان والديمقراطية في إيران ليس مجرد شأن داخلي، بل جزء من الجهود العالمية لمواجهة الاستبداد والإرهاب الذي ترعاه الدولة.

ويضع القرار النظام الإيراني أمام تحدٍ دبلوماسي كبير، حيث يسلط الضوء على الجرائم السابقة، مثل مجزرة عام 1988 وقمع الانتفاضات الشعبية، مما يزيد من الضغوط الدولية على النظام ويمهد الطريق لاتخاذ مزيد من الإجراءات، بما في ذلك تحقيقات دولية وفرض عقوبات مستهدفة على المسؤولين عن الانتهاكات.
ويشكل قرار 166 الصادر عن الكونغرس الأمريكي خطوة هامة في الاعتراف بدور الشعب الإيراني في تقرير مصيره.
ومن خلال إدانته لانتهاكات النظام، ودعمه لخطة مريم رجوي، وإبرازه لدور المرأة في الثورة الإيرانية، يثبت القرار الالتزام الأمريكي الثابت بقضية الديمقراطية في إيران.
ومع تصاعد الحراك الدولي لدعم المقاومة الإيرانية، فإن هذا القرار يبعث برسالة واضحة إلى النظام الحاكم بأن العالم يقف إلى جانب الشعب الإيراني في سعيه لتحقيق الحرية والعدالة.