كريم عزام يكتب: وقفة مع منهج سيد قطب.. ومنهج الإخوان معه
كان فكر سيد قطب -رحمه الله- نقلة نوعية في المسار الفكري للصحوة الإسلامية عموما وللإخوان المسلمين خصوصا، وكان على الحركة (الأم) كما أسموها أن تحدد موقفها من هذه الأطروحات..
ووقفت القيادة التقليدية للإخوان في مصر من سيد وأفكاره موقفا رافضا مناوئا..
فقد كانت نظرياته في الحاكمية والولاء والبراء، والمفاصلة مع الجاهلية والتمايز في الهوية والمنهج.. مفرقا هاما كان على الإخوان أن يقرروا السير معه أو الافتراق عنه في ردة فعل تحيد بهم حتى عن ثوابت أساسية كان عليها المنهج عندهم. واختار الإخوان الطريق الثاني تجنبا للصدام مع السلطة وبدت آثار السجن والقمع والسياط جلية في ملامحهم الفكرية الجديدة، فقد كتب المرشد العام حسن الهضيبي كتابه الشهير (دعاة لا قضاة) ردا على كتاب (معالم في الطريق) وما حمله (في ظلال القرآن) من أفكار المواجهة والصدام مع الجاهلية التي يجسدها النظام السياسي القائم، وما يفرض على المجتمعات من تحول..
وهنا افترقت حركة الإخوان المسلمين والصحوة السياسية المعاصرة إلى مدرستين متمايزتين متناقضتين..
فجسد كتاب (المعالم) وفكر سيد عموما، فكر الحاكمية والتمايز والمفاصلة، وبالتالي الحكم بالكفر والردة على أنظمة الحكم القائمة والدعوة الصريحة لجهادها ورسم معالم طريق هذا الجهاد..
وشكل كتاب (دعاة لا قضاة) كما يدل عنوانه المعبر، منهج الإخوان الجديد وبداية مسار التراجع الذي ابتدؤوه من حينها، وكانت خلاصة نظريته أن رواد الصحوة الإسلامية عبارة عن دعاة إلى الإسلام والإصلاح، وليسوا قضاة على الحكــام والناس وما هم فيه من أحوال، حتى يحكموا بانتمائهم للإسلام أو خروجهم عنه.
وشكل هذا الكتاب أحد أهم مرتكزات الإرجاء السياسي المعاصر في الحركة الإسلامية الناهضة، حيث شملت شهادته بالإسلام للسلطات المـرتدة وأركانها في مصر وغيرها.