الخميس مايو 16, 2024
كوت العمارة تقارير سلايدر

عار الإمبراطورية الإنجليزية

“كوت العمارة”.. عندما سَحَقَ العثمانيون بريطانيا ودَهَسوا تاريخها

في مثل هذا اليوم 29 أبريل 1916م، الجيش العثماني يدمّـر الجيش الإنجليزي في معركة (كوت العمارة) في العراق، ويتمكن من أسر فرقة إنجليزية كاملة مكونة من (13100 ألف جندي وضابط)

– الكوت، مدينة عراقيَّة تقع جنوب بغداد بنحو 180 كم، كانت في الأصل ميناء نهري على نهر دجلة، تستخدمه السفن التجاريَّة لإفراغ حمولتها،

في هذه المدينة حاصرت القوَّات العثمانيَّةُ القوَّات البريطانيَّةً حصارًا يُعدُّ الأطول والأشد في الحرب العالمية الأولى، سجَّل فيه العثمانيون نصرًا عظيمًا على القوَّات البريطانيَّة التي استسلمت دون قيدٍ أو شرط، فكان حقًّا نصرًا لم يشهده تاريخ أوروبا.

– في الحرب العالمية الأولى ( 28 يوليو 1914م – 11 نوفمبر 1918م) انقسمت الدول المشاركة فيها  إلى دول المحور (التحالف): (ألمانيا والنمسا وبلغاريا والدولة العثمانية)

ودول الائتلاف: (روسيا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا واليابان وصربيا ورومانيا وبلجيكا واليونان والبرتغال والجبل الأسود)

– تبدأ أحداث معركة كوت العمارة، في نوفمبر 1915م، عندما قامت إنجلترا بإطلاق حملة للسيطرة على بلاد العراق، التابعة للدولة العثمانيَّة وقتها؛ وذلك لتطويق الجيش العثماني المتمركز في وسط العراق، واستطاعت القوَّات البريطانيَّة بالفعل بقيادة الجنرال تاونسند احتلالَ مدينة البصرة، وبعد أن سيطرت عليها، زحفت إلى بغداد، وفي طريقها حدث قتالٌ رهيب بينها وبين القوات العثمانية بقيادة نور الدين، في مدينة سلمان باك، وعلى إثر هذا القتال خسرت القوَّات البريطانيَّة ثُلث جنودها، وشرعت بالانسحاب نحو مدينة الكوت، فتتبعتهم القوَّات العثمانية، وقامت بمحاصرتهم في الكوت في 7 ديسمبر 1915م.

– كتب القائد العثماني نور الدين إلى القائد الإنجليزي تاونسند رسالةً يدعوه فيها إلى الاستسلام، فلم يستجب لرسالته.

– استمرَّ الحصار أربعة أشهر ونصف تقريبًا، وفي هذه الفترة نفدت مُؤن الجيش الإنجليزي تمامًا، حتى  شرع الجنود يأكلون الكلاب والقطط، وبدأ تساقط الجنود الإنجليز الواحد تلو الأخر من شدَّة الجوع والألم، ونفدت كلُّ الأخشاب والأوتاد لاستخدامها في الوقود حتى لم يبقَ وتدٌ واحد، وصدر قرار ينص على أنَّه: (من يُلْقَ عليه القبضُ متلبِّسًا بجريمة سرقة وتدٍ، سوف يُنفَّذ فيه حكم الإعدام)، ومع شدَّة البرد في الشتاء، كان الجنود والضباط يسرقون “الصلبان الخشبيَّة” من مقابر الجنود المقتولين لاستعمالها كحطب، كما نفد السكر والملح، حتى وصل الأمر إلى أنَّهم كانوا يبحثون عن الحشائش ليطبخوا منها طعامًا.

– حاول الإنجليز خلال هذه الفترة فكَّ الحصار أكثر من مرَّةٍ، غير أنَّهم فشلوا في جميع المحاولات؛ فقد شنُّوا هجومًا بريًّا بقيادة الجنرال أيلمر في 6 يناير 1916م، إلَّا أنَّهم اضطرُّوا إلى التراجع بعد أن خسروا أربعة آلاف جندي، وبعد ذلك بسبعة أيَّام (في 13 يناير 1916م) خسر الجيش البريطاني 1600 جنديٍّا في محاولةٍ أخرى لفكِّ الحصار، كما فقدوا 2700 جنديٍّا في ثالث محاولاتهم، التي وقعت في 21 يناير من العام نفسه، وفي محاولةٍ رابعةٍ يائسة شنُّوا هجومًا على العثمانيِّين لكنَّهم تكبَّدوا خسارةً أكبر، وصلت إلى (21000 جندي) إحدى وعشرين ألف جنديٍّ بين قتيلٍ وجريح، ممَّا أدَّى إلى إقالة الجنرال أيلمر من منصبه، بعد سلسلة الهزائم المهينة من العثمانيِّين، وفشله الذريع في فكِّ الحصار.

– بعد هذه السلسلة المهينة من الهزائم، والفشل الذريع في فكِّ الحصار، حاول الإنجليز دفع الأموال الطائلة للعثمانيِّين حتى يفكُّوا الحصار عن قوَّاتهم في مدينة الكوت؛ فقد عرض القائد الإنجليزي تاونسند على القائد العثماني، مليون جنيه إسترليني، مقابل السماح له ولجيشه بالتوجُّه إلى الهند، ولكن القيادة العثمانيَّة رفضت بشدَّة قائلةً: “لا حاجة لنا بالنقود”.

وقد قال” تاونسند” في برقيَّته متوسلا للقائد العثماني خليل باشا الذي تولّى بعد نور الدين: “السيد خليل باشا، الجوع يُجبرنا على ترك السلاح، لذا أُعْلِم جنابكم العالي باستعدادي لتسليم جنودي لكم”.

– وفشلت كلُّ محاولات التذلل البريطاني للقائد العثماني، وعندما حاول الإنجليز إرسال سفينةٍ محمَّلةٍ بمئات الأطنان من موادِّ الإعاشة إلى قوَّاتهم في مدينة الكوت، سقطت بأيدي الجنود العثمانيِّين بعد إطلاق النيران عليها بكثافة، وعندها استسلمت القوَّات البريطانيَّة بقيادة تاونسند إلى القوَّات العثمانيَّة، من دون قيدٍ أو شرط.

وكانت النتيجة، استسلام ثلاثة عشر (13) جنرالًا، وأربعمائة وواحد وثمانين (481) ضابطًا، وثلاثة عشر ألف وثلاثمائة (13300) جنديٍّ من الجيش البريطاني، كما انسحبت القوَّات التي كانت تُحاول إنقاذهم بعد أن سقط منها ثلاثون ألف (30000) قتيل”.

وكتب القائد العثماني خليل باشا: (سيندهش العالم، وسيجد المؤرِّخون صعوبةً في إيجاد كلماتٍ لوصف هذه المعركة، فلنحمد الله الذي وهبنا نصرًا لم يشهده التاريخ، هذه هي المرَّة الأولى التي تدخل فيها الحربةُ العثمانيَّة التاريخَ الإنجليزي)

– وما زالت هذه المعركة الفضيحة، والتي تُعتبر  من أكبر معارك الحرب العالمية الأولى، تمثّل عُقدة للإنجليز، وبسببها، كانت بريطانيا هي الرافض الأول لدخول تركيا الاتحاد الأوربي، ومعها روسيا التي كانت تدفع الجزية للأتراك، حتى سنة 1911م.

Please follow and like us:
يسري الخطيب
- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب