
لم يعد بإمكان سكان غزة تحمّل المزيد. فبعد شهور طويلة من القصف والتدمير والنزوح، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف إنسانية كارثية، وسط دمار هائل وانعدامٍ لأبسط مقوّمات الحياة. لا ماء، لا كهرباء، لا غذاء كافٍ، ولا حتى ملاذ آمن. المستشفيات بالكاد تعمل، والملاجئ مكتظة، والآلاف من العائلات تعيش في خيام لا تقي حرّ الشمس ولا برد الليل.
ومع استمرار الحرب، ترتفع أصوات سكان غزّة يوماً بعد يوم، تطالب بوقف إطلاق نار عاجل، ليس فقط لوقف الدمار، بل لإنقاذ ما تبقّى من الأرواح. فالأطفال في غزّة لم يعودوا يعرفون طعم النوم دون أصوات القصف، والآباء يشعرون بالعجز الكامل أمام صرخات الجوع والخوف.
النداءات المتكرّرة التي يطلقها المدنيون العُزّل، لا تأتي من موقف سياسي، بل من صرخة إنسانية نابعة من واقع مؤلم يفوق الاحتمال. الحاجة إلى وقف إطلاق النار أصبحت مطلباً عاجلاً وضرورياً، ليس فقط لبدء أي حديث عن حلول طويلة الأمد، بل لضمان الحدّ الأدنى من الكرامة الإنسانية في هذه اللحظة الحرجة.
المجتمع الدولي يتحمّل مسؤولية أخلاقية كبرى تجاه ما يجري في غزّة. فالتقاعس عن اتخاذ موقف حاسم لفرض هدنة إنسانية يفاقم المعاناة ويطيل أمد الكارثة. ما يحتاجه أهل غزّة اليوم هو وقف فوري لإطلاق النار، وإدخال عاجل للمساعدات الإنسانية، وتأمين ممرّات آمنة للمدنيين.
غزّة تستغيث، وشعبها لا يطلب سوى فرصة للحياة. فرصة ليلتقط أنفاسه، ليداوي جراحه، ويبحث عن بصيص أمل في مستقبل بات اليوم غامضاً ومخيفاً. العالم مدعوّ اليوم أكثر من أي وقت مضى لأن يصغي لهذه النداءات، ويُثبت أن القيم الإنسانية لا تزال حيّة.