أكدت صحيفة “الواشنطن بوست ” الأمريكية أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة غدت الآن أقوى قوة مسلحة في منطقة الساحل — ومن بين الأقوى في العالم، بفضل ما يصل إلى 6,000 مقاتل، بحسب ما يقول المسؤولون والخبراء.
وقالت الجريدة في تقرير لها ترجمته “جريدة الأمة الإليكترونية “في غضون بضعة أشهر فقط، اجتاح التنظيم مدنًا رئيسية في بوركينا فاسو ومالي، وشن أعنف هجوم على جنود في بنين، ووسع حكمه الإسلامي المتشدد في المنطقة. لا أحد يعرف متى سيضرب مقاتلوه مرة أخرى — أو أين سيتوقفون.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أنه بعد سنوات من بناء قوته بهدوء، أصبح القوة المسلحة الأكثر تجهيزًا في غرب إفريقيا، وفقًا لمسؤولين إقليميين وغربيين، مع ما يصل إلى 6,000 مقاتل تحت إمرته.
ويقول المسئولون والخبراء إن الاستراتيجيات المحلية لمكافحة التنظيم ساعدت في صعوده، حيث أتاحت الفظائع التي ارتكبتها قوات غرب إفريقيا للتنظيم الادعاء بالأخلاقية وتبرير سلطته المتزايدة.
واعادت الصحيفة تبوء هذا التنظيم هذه المكانة إلي تراجع الولايات المتحدة عن القتال — أو طردها من دول الساحل — قد ترك فراغًا أمنيًا عميقًا ومخاوف متزايدة بشأن أهداف وقدرات هذا التنظيم

من جانبه قال هيني نصيبيا، المحلل البارز في مشروع بيانات أحداث النزاعات المسلحة إنهم يخلقون كيانًا يشبه الدولة يمتد كحزام من غرب مالي إلى حدود بنين … إنه توسع كبير بل متسارع
وقد حول الجماعة ، مع خصمها تنظيم الدولة-إقليم الساحل، المنطقة إلى مركز للتمرد الإسلامي.
وكشف المؤشر السنوي لمعهد الاقتصاد والسلام العام الماضي أن 51٪ من وفيات الإرهاب في العالم كانت في الساحل، وهي منطقة شاسعة مضطربة جنوب الصحراء تمتد عبر إفريقيا.
وفي نفس السياق ساهمت الفوضى المتفشية في المنطقة في تمكين الضباط العسكريين من الاستيلاء على السلطة في انقلابات — متعهدين بقطع العلاقات مع الغرب واستعادة الهدوء.
لكن الوضع الأمني في معظم الدول ازداد سوءًا. ففي عام 2024، احتلت بوركينا فاسو المرتبة الأولى عالميًا كأكثر دولة متأثرة بالإرهاب للعام الثاني على التوالي،
وشهدت النيجركذلك أكبر زيادة في الوفيات المرتبطة بالإرهاب عالميًا. وفي علامة على انتشار فرع تنظيم القاعدة في دول الساحل
فيما أبلغت توغو عن أكبر عدد من الهجمات الإرهابية في تاريخها؛ بينما سجلت بنين تقريبًا نفس عدد الوفيات في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام مقارنة بعام 2024 بأكمله.

وفي هذا السياق يتزايد قلق الخبراء من أن شبكات الإمداد والمخبرين لدى التنظيمات المسلحة تمتد الآن إلى دول مستقرة مثل غانا والسنغال وغينيا، وتخشى الحكومات أن يلحق المقاتلون قريبًا.
وقد أجرت صحيفة واشنطن بوست مقابلات مع خبراء ومسؤولين في خمس دول لتسليط الضوء على أسباب نمو التنظيم السريع — وما قد تكون أهدافه النهائية.
وسافر المراسلون أيضًا إلى الحدود الهشة بين بوركينا فاسو وغانا، حيث فر عشرات الآلاف من العنف على يد
المسلحين والقوات الحكومية، للحديث مع اللاجئين عن الحياة تحت حكم المتشددين.
اللاجئون تحدثوا للمرسلين عن قيام المسلحين باقتحام المساجد في بوركينا فاسو في السنوات الأخيرة، معلنين عن فرض قوانين إسلامية صارمة، وإغلاق المدارس، واستهداف مؤسسات الدولة.
وقد حذر المسلحون من أن خرق القواعد سيواجه بالعقاب. وأظهرت بيانات مستقلة أن ما يقرب من 6,000 مدني قتلوا على يد التنظيم في السنوات الخمس الماضية
قال اللاجئون إنهم رفضوا التنظيم في البداية. لكن رد الحكومة — المتمثل في موجة قتل قادتها ميليشيات تستهدف الفولانيين، وهم أقلية مسلمة شبه بدوية في غرب إفريقيا — دفعهم إلى إعادة توجيه غضبهم.
قال أمادو ديالو، وهو لاجئ بوركيني يبلغ 69 عامًا، إن بناته الثلاث وأزواجهن انضموا إلى بعد أن قتلت الميليشيات العشرات من أبناء مجتمعهم الفولاني.

ومع اتساع التهديد في غرب إفريقيا، تراجعت أهمية المنطقة في واشنطن، بحسب مقابلات مع أربعة مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين.
قال اثنان من هؤلاء إن الطائرات الأميركية بدون طيار التي كانت تطير من النيجر — حيث طُردت القوات الأميركية العام الماضي — قد أُخرجت من غرب إفريقيا، وألغيت خطط نقلها إلى ساحل العاج وبنين.
يوجد الآن أقل من 200 جندي أميركي في المنطقة، معظمهم على طول الساحل — انخفاضًا من حوالي 1,400 في 2023.
رفضت قيادة أفريكوم التعليق، لكنها أشارت إلى تصريحات الجنرال مايكل لانجلي الذي قال إن هدف الولايات المتحدة هو مساعدة الدول الإفريقية في بناء “الاعتماد على الذات” في مواجهة الإرهاب.
لكن الغالبية العظمى من برامج قانون الهشاشة العالمية — وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز الاستقرار — توقفت في عهد إدارة ترامب.