مؤسسة «تكوين اللصوص».. زيدان وسرقة حماقات المستشرقين
بقلم: د. سامي عامري
زيدان رجل يتشبّع بما لم يُعطَ؛ فهو متهم بسرقة روايته «الشهيرة» عزازيل عن رواية «Hypatia, or New Foes with an Old Face» للروائي الإنجليزي Charles Kingsley.
والرجل في باب الهبد في الشبهات لص أيضًا؛ فقد سرق ربط قصّة سورة الفيل بالمكابيين، ونسب هذا التفسير الجديد لنفسه، وزاد على السرقة بعض «التجويد» الذي يدلّ على مبلغ جهله بالتاريخ اليهودي والكتب المقدسة عند اليهود.
وهذا ردّي عليه مستَلًا من كتاب «شبهات تاريخية حول القرآن الكريم».
—
زعم الكاتب يوسف زيدان -صاحب الشطحات التاريخية المشبوهة والمتكرّرة- أنّ قصّة أصحاب الفيل لا علاقة لها بأبرهة، وغزو مكّة، واستدلّ لذلك بأنّ القصّة عن «أصحاب الفيل» لا «صاحب الفيل» (أبرهة)، وأنّ القصّة وقعت قبل المسيح في معركة المكابيين اليهود حيث شاركت عدة فيلة في المعركة. كما زعم أنّ ربط سورة الفيل بأبرهة من صناعة وهب بن منبّه في رواياته المحفوظة في كتاب: «التيجان في ملوك حمير». واستنكر حماية قريش الوثنية من أبرهة النصراني الأقرب للإيمان الإسلامي. كما أشار إلى التشابه بين «مكّة» و«المكابيين». والتعليق على كلامه في النقاط التالية:
1- أوحى زيدان للسامعين أنّ ما قرّره هنا، من اجتهاده في تدبّر القرآن. والحق هو أنّ هذه الدعوى جاء بها المستشرق الفرنسي دو بريمار الذي زعم في مقال نشره سنة 1998 أنّ سورة الفيل تشير إلى معركة القادسيّة (!) التي انتصر فيها «العرب» على الجيش الساساني سنة 15 هـ -بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم- (Alfred-Louis de Prémare, “Les éléphants de Qadisiyya”, Arabica, 1998, 45, 261-269.)، ثم عاد سنة 2000 لنشر مقال آخر في الموضوع، زعم فيه أن سورة الفيل تفسير «مِدراشي» لسفر المكابيين الثالث («Il voulut détruire le temple«. L’attaque de la Ka‘ba par les rois yéménites avant l’islam. Akhbâr et Histoire«, Journal Asiatique, 2000, 288/2, 261-367). ولم تجد دعوى دو بريمار صدى في الساحة الاستشراقية؛ فقد رفضها عامة المستشرقين (قبِلها دانيال بيك، وهو ليس بباحث أكاديمي ولا علاقة له علميًا بالدراسات الإسلامية، وغيوم دي).
2- سُمّي جيش أبرهة بـ«أصحاب الفيل»؛ لأنّ الجيش هجم على مكّة مع فيل أو فيلة؛ فليست التسمية متعلّقة بأبرهة، وإنّما هي متعلّقة بجيشه.
3- أبرز معركة بين المكابيين والسلوقيين من جهة بروز خبر الفيلة فيها بصورة لافتة، هي معركة بيت زكريا التي ذكرها سفر المكابيين الأول 6، والمؤرّخ يوسيفوس في القرن الأول في كتابين له («عاديات اليهود»، 12. 9 و«حروب اليهود» 1. 41-46). وقد هزم السلوقيون فيها اليهود لا العكس. ومشاركة الفيلة في المعارك الأخرى أقل ظهورًا.
4- زعم زيدان أنّ الطير الأبابيل التي رمت جيش العدو، مذكورة في سفرَي المكابيين. وتلك دعوى لا تصحّ؛ فليس في سفرَي المكابيين شيء من ذلك. والأمر نفسه في سفر المكابيين الثالث. كما أنّه لا ذكر في الأسفار السابقة للحجارة النازلة من السماء على العدو. وهذا هو الأمر المميّز للقصّة القرآنية؛ فإنّ مشاركة الفيلة في الحروب لا تُعدّ من نوادر الأحداث.
5- خبر معركة الفيل لم يتفرّد به وهب بن منبّه؛ فقد رواه أهل السير. وجاء في الصحيحين أنّ ﷺ النبي لما فتح الله عليه مكة قام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: «إنّ الله حبس عن مكّة الفيل، وسلّط عليها رسوله والمؤمنين». (رواه البخاري، كتاب في اللقطة، باب كيف تعرف لقطة أهل مكة، ح/2329، ومسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها، إلا لمنشد، ح/ 2505).
6- حماية الكعبة من هجمة أبرهة ليست في إكرام وثنيي مكّة وإنّما في إكرام كعبة إبراهيم عليه السلام، وإكرام النبي الذي سيبعث قريبًا ليحيي ملّة إبراهيم عليه السلام من جديد، وليردّ الكعبة إلى طهر التوحيد، ولتكون مكّة مبدأ تجديد ملّة إبراهيم عليه السلام.
7- كلمة «مكابيين» تُطلق على يهوذا المكابي وإخوته، ثم صارت مرادفة للسلالة الحشمونية، فهي ليست اسمًا لمكانٍ: «مكّة»!