مقالات

محمد إلهامي يكتب: عن إسقاط الجنسية الكويتية عن د. حاكم المطيري

إسقاط الجنسية عن أي إنسان هو عمل وضيع حقير، لأن انتماء الإنسان إلى بلد ليس منحة من أحد!!

وإذا كان بعض الناس تسلَّط على قطعة أرض بكثرة نوقه أو فوق دبابات الأجنبي المحتل، فهو لم يملك بذلك الأرض ولا استعبد الناس التي عليها، كي يمنح ويمنع صك الانتماء!

وإنما هو جزء من فساد نظام الدولة الحديثة، هذا النظام الشيطاني الذي يؤسس لأبشع استبداد عرفه التاريخ، حيث عملت آلة التسجيل والدفترة (ثم تطورت إلى التقنية الرقمية) لتمنح زمرة السلطة قدرة هائلة على التحكم في الناس ومراقبتهم منذ المولد وحتى الوفاة!

حتى صارت السلطة هي مصدر الوجود، فالذي تمنحه شهادة الميلاد هو المولود، والذي تمنحه جواز السفر هو من يستطيع الحركة، والذي تمنحه شهادة التعليم هو المتعلم، حتى الذي لا تستخرج له تصريح الدفن لا يمكن دفنه!!

د. حاكم المطيري

وهذا فضلا عن التحكم في الزواج والطلاق والأبناء.. فلم يعد الزواج مجرد رضا وقبول من المرأة وأهلها، بل صار رضا وقبولا من الدولة التي تصدر أكواما من التصريحات والشروط!!

هذا هو السجن الكبير الذي لم يحلم به طاغية عبر التاريخ، لقد جلبت «الدولة الحديثة الملعونة» ذلك الراعي الذي يرعى في أعلى الجبل، لكي يوثق للدولة وجوده وحضوره وحياته، وصار مضطرا إلى أن يراجعها لتمنحه اعترافا بوجوده، واعترافا بزواجه، واعترافا بعلمه، واعترافا حتى بموته!!!!!

وهذا السجن العالمي الكبير، يزداد خطورة وشراسة في بلادنا المنكوبة بالحكومات والأنظمة التي نصَّبها الاحتلال..

فلئن كان السجن العالمي يجعل إسقاط الجنسية قرارا قضائيا يُمنح فيه المواطن (أو بالأحرى: السجين) حق الاعتراض وتقديم الدفوع وشرح الموقف أمام جهة عليها لون باهت من الاستقلال، لئن كان هذا في بلاد الغرب، فليس هو كذلك في بلادنا.. لقد صار قرار منح الجنسية وإسقاطها يصدر عن موظف في وزارة أو في دائرة رئاسية!

ولعلنا لم ننسَ كيف استطاع بن سلمان ذبح جمال خاشقجي ذبحا، لا لشيء إلا بسبب هذا النظام الملعون، نظام الأوراق والسجلات والتصريحات.. لقد اضطر المذبوح إلى الذهاب لسفارة عدوه، ليستخرج منها تصريحا يتمكن به من الزواج!!

وما كان ليفعل هذا لولا أن «القوانين الملعونة» صارت تحرم الإنسان من حقوقه الطبيعية إذا لم يكن معه أوراق، وهذه الأوراق يصدرها أعداؤه وقاتلوه!!

إن إنقاذ البشرية وإصلاح أحوال الإنسانية يمر بغير شك على نبذ هذه القوانين والأنظمة وإسقاطها والتحرر منها.. والعودة إلى ما كانت عليه الإنسانية طوال القرون الماضية، قبل أن يكون الإنسان مجموعة من الأوراق، الأوراق الصادرة عن عدوه الذي تسيَّد عليه قهرا وقسرا وعنفا!!

محمد إلهامي

باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى