السبت يوليو 6, 2024
مقالات

محمد إلهامي يكتب: «غزة» تعيد للأمة أخلاقها.. وتقضي على الرذيلة؟!

 نشرت الإيكونوميست مقالا، في 2 نوفمبر الماضي، تشير فيها إلى خشيتها من أن تجدد الحرب في غزة الحركات الإسلامية من جديد، بعد عقد من الثورات المضادة التي نجحت في ترويج العلمانية والإباحية وإخراج الناس من الدين إلى الانحلال! كما نجحت في توطيد علاقات الأنظمة العربية بالصهاينة وافتتاح مسار التطبيع!

لفت نظري أن المقال وهو يواصل تعداد «إنجازات» هذا العقد الماضي، جعل من بينها ازدياد معدلات الطلاق في الخليج حتى فاقت معدلاتها في دول غربية، وازدياد معدلات الزنا لصعوبة الزواج!!

كان مفهوما تماما أن يطرب المقال بشدة لما يجري من انفلات أخلاقي في السعودية، ومن حظر للنقاب في المدارس المصرية، ومن سجن الغنوشي في تونس، ومن انهيار مكانة الملالي في إيران.. فلا غرابة أن يسعد الغربي بكل ما يعبر عن انهيار وتراجع لحضور الإسلام في أي مكان..

لكن أن يفرح المقال بازدياد معدلات الطلاق وازدياد معدلات الزنا، فهذا دليل واضح على أن التغريب نفسه مدمر للمجتمعات وللأسر، وأن هذا التدمير الاجتماعي مقصود ومحبوب ومرغوب لهؤلاء الغربيين، الذين ينفذ سياستَهم هذه الأنظمة المجرمة الحاكمة.

يخشى أصحاب المقال الذي كُتب بين الدوحة والقاهرة وبيروت، من أن تؤدي الحرب على غزة إلى دفن هذه «الثورة الدينية» الجارية في العالم العربي، وأن تجدد الشعور الإسلامي الحركي العام الذي يُخرج الناس من الفردية والنظرة العلمانية إلى الإسلام باعتباره إنقاذا روحيا شخصيا، ليدخلهم في صورة الإسلام الذي يتوحد مع قضايا المسلمين ويتمسك برؤيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تلك النظرة التي طالما حملتها الحركات الإسلامية.

وكالعادة، جاء المقال بآراء خبراء تثير تخوف الغرب من أن القضاء على الحركات الإسلامية بعيد المنال، وأن خفوت هذه الحركات لا يعني موتها، وأن من طبع الحركات الإسلامية أن تجدد نفسها لتأتي بعد الهدوء بالعاصفة!

ولكيلا يحدث هذا التجدد فلا بد أن يرأب هذا الصدع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا بد للطغاة العرب أن يحسنوا من الضوائق الاقتصادية لشعوبهم (فعلى دول الخليج أن تدفع أكثر)، لأنه طالما بقيت هذه المشكلات قائمة فإن الحركات الإسلامية ستتجدد، ولن يغني حبس الإسلاميين شيئا!

مع ما يثيره المقال من أفكار كثيرة تستحق الكلام، إلا أني لا أستطيع تجاوز مسألة ازدياد معدلات الزنا والطلاق.

إن الإسلام هو من ضرورات تماسكنا الاجتماعي، ومن ضرورات شعور الإنسان بالأمن في أخص أموره: زوجته وأبنائه ووالديه وإخوته. إ

نهم يخشون أن يتوقف انهيارنا الاجتماعي، وها هو بعضهم يوصي بضرورة إيقاف الحرب قبل أن تستيقظ المعاني التي أمكن دفنها خلال السنوات الماضية!

Please follow and like us:
محمد إلهامي
باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب