محمد حسن يكتب: كيف نفهم جذور الثورة المندلعة في بنغلاديش
بعد انسحاب البريطانيين من شبه القارة الهندية عام 1947 وانقسامها على أساس عرقي-ديني بين الهند وباكستان، كانت أراضي باكستان بدورها تنقسم إلى باكستان الغربية المعروفة الآن باسم باكستان، وباكستان الشرقية التي هي بنغلاديش.
وفي العام 1971 قرر البنغال لأسباب يطول شرحها أن يشعلوا ثورة ضد الحكم في إسلام آباد ويطالبوا باستقلال باكستان الشرقية تحت اسم بنغلاديش، وكان لهم ما أرادوا بمساعدة مباشرة من الهند.
وأصبح مجيب الرحمن (قائد عملية الانفصال عن باكستان) أول رئيس للوزراء في بنغلاديش. وحكم حتى عام 1975 عندما اغتاله ضباط متوسطو الرتب مع أفراد عائلته.
وبعد سلسلة اضطرابات تسلم رئيس أركان الجيش الجنرال ضياء الرحمن السلطة حتى اغتياله عام 1981.
تلاه انقلاب استلم على إثره السلطة رئيس أركان الجيش الجنرال حسين محمد إرشاد وظل حاكمًا لبنغلاديش حتى عام 1990.
ابنة الزعيم الأول لبنغلاديش وقائد ما يعرف بحرب الاستقلال “مجيب الرحمن” اسمها “الشيخة حسينة واجد” وهي ناجية من مذبحة قتلت عائلتها.
وزوجة ثاني زعيم للبلاد الجنرال “ضياء الرحمن” اسمها “الشيخة خالدة ضياء”.
اتفقت “الشيختان” على الإطاحة بالنظام العسكري الحاكم طوال عقد الثمانينيات وحدث ذلك عام 1990، (رغم أن حسينة تتهم واجدة بأن زوج الثانية قتل والد الأولى وعائلته).
ثم بدأ صراع بين الشيختين مستمر إلى الآن حيث تتولى إحداهما لتكون الثانية في المعارضة والعكس!
حسينة حليفة للهند، وخالدة معارضة للنفوذ الهندي ومتحالفة مع الجماعة الإسلامية في بنغلاديش.
وكما أن الصراع بينهما له أصول تاريخية، فإن الاحتجاجات الجديدة لها أصل أيضا. ففي “حرب الانفصال” 1971 انقسم الشعب البنغالي بين قوميين مدعومين من الهند يريدون الانفصال عن باكستان، وبين أصحاب توجهات داعمة للوحدة مع باكستان على أساس أنها دولة إسلامية جامعة. وطبقا للقانون في بنغلاديش فإنه يحق لأبناء وأحفاد المحاربين القدماء في حرب الانفصال (الجانب القومي من الشعب) الحصول على نصف الوظائف الحكومية! فالتوريث هناك مقنن ومحمي بالقانون!
منذ أيام اندلعت الاحتجاجات مجددا على هذا القانون بعد حكم قضائي أعاد العمل به. وقتل عشرات المتظاهرين وأضرم طلاب النار في مقر التلفزيون الرسمي وسادت حالة من الفوضى لم تتوقف حتى الآن.