مقالات

محمد شعبان أيوب يكتب: تدخل تركيا في غزة بين القول والفعل

بمناسبة المعترضين على كلام أردوغان باحتمالية التدخل في غزة وغيرها، وأنه كلام لا يصدقه الفعل، وأن تركيا دولة في الناتو لا يمكن أن تتصادم مع مصالح دول الناتو الأخرى.

أقول إن هذا الكلام غير صحيح بإطلاق، على الأقل بصورة تاريخية، فقد كانت تركيا أضعف كثيرا منها اليوم حين كان يرتكب اليونانيون مذابح لإبادة القبارضة الأتراك في جزيرة قبرص التي حكمها مكاريوس الثالث بابا الكنيسة الأرثوذكسية القبرصية، نعم يا صديقي حكم قبرص رجل دين مسيحي منذ استقلالها من الإنجليز من سنة 1960 وحتى وفاته سنة 1977م.

هذا الرجل استعان بقوات يونانية عسكرية كوّن منها جيشا كبيرا، انقلب عليه لاحقا سنة 1974 لأن الجنرالات رأوا أن مكاريوس قد ضعف أمام المقاومة التركية القبرصية، بينما أرادوا هم المحرقة والإبادة الشاملة والسريعة، وأمام هذه المجازر اتخذ نائب رئيس الوزراء التركي وقتها نجم الدين أربكان أستاذ أردوغان قرارا بالتدخل العسكري السريع، بينما كان رئيس الوزراء أجاويد وهو علماني في أمريكا وقتها يستجدي بعض المساعدات العسكرية مثل السفن البرمائية الأمر الذي رفضه طبعا الأمريكان.

ومع ذلك تدخّلَ الأتراك واستطاعوا السيطرة على 40% من الجزيرة وحموا إخوانهم الأتراك المسلمين وأعلنوا منذ ذلك الحين عن دولة قبرص الشمالية، واللافت أن تركيا واليونان في ذلك الوقت كما اليوم دولتان في الناتو.

فهذه حادثة تاريخية تبين أن تركيا في موقف ضعفها لم تعبأ بالغرب، وظني أن تصريحات أردوغان فيها جزء كبير من التهديد الجدي والحقيقي، لأنه قال إن غزة منذ مائة عام كانت جزءا من الأراضي العثمانية التركية مثلها مثل الموصل وحلب وأدرنة وأضنة وغيرها، وأن إسرائيل هي التي تعمل على تقسيم تركيا ودعم أعدائها.

خطاب أردوغان كان قويا

وخطاب أردوغان كان قويا وتهديدا واضحا، الرجل فيما يبدو يعد لتحالف إسلامي من الدول الموثوق فيها للتدخل العسكري إن لزم الأمر.

وأعلن أن إسرائيل هي التي تقف خلف المنظمات التي تريد تقسيم تركيا مثل pkk وهذا يعني تهيئة للرأي العام وللجيش بإمكانية الصدام مع العقل المدبر.

أعلن أن الغرب يجهز لحملة صليبية تستهدف المنطقة وتدمير العقائد فيها، وهذا يتناغم مع كلام بايدن منذ أيام أن أمريكا ستقود النظام العالمي الجديد.

هذه التطورات في الموقف التركي وقوة الرجال عباد الله الأشداء أهل العزة جعلت نتنياهو يخرج اليوم ويقول إنه يستهدف قوة وأسلحة الرجال، بعدما كان هدف عمليته الأساسية كما أعلنه سحقهم وتدميرهم، ثم تهجير أهاليهم إلى مصر.

محمد شعبان أيوب

باحث في التاريخ والتراث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى