الجمعة يوليو 5, 2024
مقالات

محمد شعبان أيوب يكتب: تُرى كم نوري السعيد في عصرنا هذا!

هذا الذي في الصورة بالأسفل هو نوري السعيد باشا (1888- 1958م) تولى منصب رئيس وزراء العراق لـ 14 مرة، كأطول من تولى هذا المنصب في تاريخ العراق منذ 1932 وحتى 1958م، وقد نشأ الرجلُ عسكريا قوميًا في المدرسة العسكرية في إسطنبول، وكان صديقًا لأتاتورك، كما كان مؤمنا بصورة لا نهائية بهيمنة الغرب على العالمين العربي والإسلامي.

ولذلك كان يوصف بأنه رجل الإنجليز ثم الأمريكان في المنطقة، وقف أمام كل محاولات الوطنيين العراقيين للاستقلال عن الاحتلال الإنجليزي، بل وتآمر على فلسطين في حرب 48، والدكتور عبد الوهاب عزام رئيس الجامعة العربية الأول كتب في مذكراته عن دوره المشبوه في تلك الحرب، ومحاولاته المستميتة لشق الصف، وإيقاع الخلاف، وتثبيط الهمم عن دعم فل سطين، وتأييده موقف غلوب باشا قائد الجيش الأردني الإنجليزي الذي انسحب من اللد والرملة وسلمهما لليهود.

أنشأ عام 1954 حلف بغداد في العراق ليكون حائط صد أمريكي بريطاني تجاه القوميين العرب والمد السوفيتي في المنطقة وقتها.. الخُلاصة أن الرجل كان إنجليزيا أكثر من الإنجليز، عبدًا وفيًا لآخر نفس من حياته لأسياده، يشبه بصورة لافتة ذلك العبد الذي كره كل أبناء جنسه من العبيد، وظل فيًا لسيده ليوناردو دي كابريو في الفيلم الشهير «Django Unchained» جانغو الحر.

أتدرون كيف كانت نهايته.. لقد قبضوا عليه في الانقلاب العسكري على الملَكية الذي جرى في العراق سنة 1958م، وربطوه في سيارة ربع نقل وجرّوه في شوارع بغداد حتى ضاعت ملامحه (والصورة قاسية على جوجل لمن أراد الرجوع)؛ وذلك لخيانته الطويلة لدينه ووطنه ولقضية فلسطين، وبغض النظر عمن جاءوا بعده فإن الرجل أبرز مثال عربي لتجسيد الخيانة في النصف الأول من القرن العشرين.

تُرى كم نوري السعيد في عصرنا هذا!

Please follow and like us:
Avatar
باحث في التاريخ والتراث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب