مقالات

محمد شعبان أيوب يكتب: مصر تسير في الطريق المرسوم للسودان

ذكرتُ من قبل أن مصر تسير في الطريق ذاته الذي رُسم للسودان في أواخر عصر عمر البشير، وهو طريق سارت فيه من قبل زمن الخديوي المأفون المجرم إسماعيل باشا حفيد محمد علي (1863- 1879م) الذي خرب مصر، وبدد مواردها لملذاته الخاصّة، فكان مغرما بتحديث القاهرة على نمط باريس وأخواتها، محبا للمجون والإسراف، حتى اضطروه لبيع قناة السويس، وإعلان إفلاسه، وخلعه من حكم مصر، ومن ثم الثورة العرابية التي كانت مسوّغا لتدخل بريطانيا واحتلالها مصر، وهي من أشرف الثورات في البلاد.

هذه الخطة الجهنمية حصلت مع السودان بوجه آخر حين انهار الاقتصاد، وقامت الثورة التي استغلتها الطوائف المعادية الشيوعية والمتآمرة إقليميا لضرب البلد، والأحداث التي تلتها وظهور الدعم السريع من قبلها بسنوات.

مصر ليست بعيدة عن هذا السيناريو في ظل ديون مليارية لا تكاد تجد لها حلا، وهي تغوص فيها يوما بعد آخر حتى أصبح الاستثمار في سنداتها نوعًا من المخاطرة التي جعلت مجموعات التصنيف الائتمانية العالمية مثل موديز ومورجان وستاندرد آند بورز وغيرها يضيقون عليها الخناق في الاستدانة من المقرضين لتبيع كل ما لديها، وتصل إلى الهاوية.

والنتيجة «خراب مصر» وهو عنوان كتاب ألفه المؤرخ الروسي تيودور روثستاين منذ أكثر من مائة عام عما قام به إسماعيل في حق بلده، وكيف سلّمها للبريطانيين الذين جنوا علينا اقتصاديا وثقافيا وهوياتيا وعسكريا منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.

والخلاصة ما يُحاك لمصر خطير، فإما أنهم يريدونها سودانا جديدة بحرب أهلية طاحنة، أو نموذجًا أرجنتينيا غائص في الوحل والفقر والخراب والتبعية المطلقة للغرب في الشرق الأوسط يديرونها لأسفل سافلين!

محمد شعبان أيوب

باحث في التاريخ والتراث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى