الجمعة يوليو 5, 2024
مقالات

محمد شعبان أيوب يكتب: من أجل الإسلام

من المواقف الشهيرة في معركة بدر أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قبل إسلامه (وكان اسمه عبد الكعبة أو عبد العزى وغيره النبي إلى عبد الرحمن بعد إسلامه) كان في صفّ المشركين، أما أبوه أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه فكان في صف المسلمين ملازما لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر عبد الرحمن بعد إسلامه لأبيه أنه رآه مرارًا في هذه المعركة وكان يُعرض عنه حتى لا يُقتله، ولكن أبا بكر رضي الله عنه أجابه دون تردّد أنه لو رآه في تلك الوقعة ما أعرض عنه ولاتخذه هدفًا وقضى عليه من فوره، والرواية ذكرها كُتاب السير.

وهذا الموقف بتمامه يذكرني بالمغول الذين انقسموا إلى قسمين؛ قسم اسمهم مغول القبجاق أو القبيلة الذهبية وهؤلاء أسلموا بإسلام زعيمهم بركة خان حفيد جنكيز خان واتخذوا جنوب روسيا موطنا لهم، بينما بقي المغول الإيلخانيون في إيران ووسط آسيا والعراق على كفرهم بزعامة هولاكو، وقد ساء بركة خان ما فعله ابن عمه هولاكو ببغداد وبمدن الإسلام والمسلمين من ترويع وتدمير، فدخل الفريقان في صراع ودماء طوال سنوات وهم أبناء عمومة فقط من أجل الإسلام.

الإسلامُ لا يعترف بالقومية ولا الوطنية ولا العِرقية، الإسلام يقول في الوحي المنزّل على محمد صلى الله عليه وسلم: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).

وبهذا الوصف اعتُبرت القومية والوطنية والحدود أمرًا يناقض صحيح الإسلام إن كانت سببا في تقاعس المسلمين عن نصرة دين ربهم، وإخوانهم المستضعفين في الأرض، وهي نوع من الفسوق كما بيّنت الآية السابقة، وأوضحت أن أمر الله سينُجز حتما، وسيأتي بالفتح رغما عن المتآمرمين والمتقاعسين.

Please follow and like us:
Avatar
باحث في التاريخ والتراث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب