أقلام حرة

محمد صالح يكتب: لماذا قالوا.. الأسد أو نحرق البلد؟!

هذه العبارة المجنونة لشبيحة الأسد منذ أول يوم في الثورة عام 2011 وحتى الآن، هي عنوان للمجازر والجريمة وتدمير المدن والأحياء، وهذا معروف للجميع نذكر به اليوم حتى تستمر شعلة الثورة بالتوقد، وتبقى وحشية النظام حاضرة في الأذهان، فلا نركن له ولا نلين. وفي هذا المقال نريد لفت النظر إلى النفسية التي صاغت هذه العبارة، والتي سارت تحت عنوانها؛ لتنفيذ كل تلك الجرائم!، النفسيةُ التي قالت: «الأسد أو نحرق البلد» هي نفسية العبد المملوك، العبد الذي قتله الخوف من سيده، فتحول إلى وحش مسعور، إنها نفسية مشوهة مريضة ربتها عقول فارغة تافهة أسيرة للعبودية، سجينة للخوف، لم تكن لتقدس سيدها وتحرق البلد كرمى لعيونه ولسلامة كرسيه؛ بل هي تخاف السيد، وتحرق البلد خوفا من حريق غضبه وجنون عظمته.

هذه النفسية وتلك العقلية التي نمقتها جميعاً، والتي زاد إصرارنا على الثورة رغم بشاعة إجرامها؛ بل إن ثورتنا في الأساس قامت لهدم صنمها -بشار المجرم-، ولتكسير حصونها -أجهزته الأمنية-، فهل تراها تسربت إلى مناطقنا المحررة، وإلى عقليات ونفسيات من يحمون عروش الصبيان وحكومات الأمر الواقع؟

مع الأسف الشديد نعم، تسربت نفسية العبيد إلى مناطق الثوار، حملها أشباه الرجال ممن تسلقوا على دماء الأحرار، ورغم غربتها وانحسارها في المناطق المحررة؛ إلا أن يد الداعم والضامن جعلتها تتسيد المشهد، وتبيض وتُفرِّخ من على شاكلتها من الجواسيس وأشباه الرجال!! وهؤلاء من يتصدى لهم شباب الحراك الثوري في هذه الأيام.

وإننا لنحزن كثيراً عندما تظهر هذه النفسية وتلك العقلية في صفحات الناشطين والإعلاميين، وحتى في مبادرات بعض النخب والأكاديميين، فما الذي يكشف عنها، وكيف نحذر منها فيما لو وجدت؟

بعد حراك ثوري طويل النفس، خرجت المظاهرات الواسعة ضد الجولاني وأمنيته في مناطق المحرر، فأرعبت الطغاة وهزت أركانهم، ثم سكن الجلادُ برهة، ثم فكر وقدّر، ثم أبدع إصلاحات تافهة لم يقتنع بها أحد، فقتل كيف قدر، ثم عبس وبسر وأزبد وأرعد، فتحركت تلك النفسيات المشوهة وظهرت في يوم الجمعة الماضية مسيرة مؤيدة للمجرم الظالم، تستغل #ذكرى_الثورة؛ لتحشد الناس للطاعة، فكانت مسيرة ناشزة عن كل أخواتها التي نادت بإسقاط الطاغية في كل المحرر.

كما ظهرت تلك النفسيات المشوهة، تحشد بعض الجند والعشائر في قاعات ومضافات تبايع الطاغية في صورة منكوسة، فليست بيعة محبة وولاء ومشروع وإخاء؛ بل خوف وتربص بين عملاء التحالف والمهربين وحراس المعابر وسارقي أقوات الناس بالمكوس والضرائب، إنها بيعة العبيد، وطاعة المماليك مع الأسف الشديد!!

وبالتدقيق في الصورة التي يحاول إعلام الجولاني إخراجها للناس تجد الخوف والرعب الشديد، وقد لا يكون كل الخوف من شخص الجولاني وأمنيته، فالظاهر في المشهد أن الجولاني هو أكثر الخائفين؛ بل امتزج هذا الخوف من طاغية سلخت أمنيته جلود أصحابها، مع الحرص على مكتسباته، وخوفهم على مصالحهم، ومهما تكن نسبة هذا إلى ذاك، فالنتيجة واحدة توسوس بها نفوسهم (الجولاني أو تضيع المكاسب) وقد قالها بعض العبيد نعم؛ مطالب الحراك محقة؛ لكن نريد الحفاظ على المكتسبات!

نعم إننا نحزن لحال هؤلاء العبيد وننكر عليهم مواقفهم، لكننا لن نتخلى عنهم؛ بل سنضع كل جهدنا لتحريرهم واستعادة كرامتهم ورجوعهم إلى صف الثورة المستقيم، لذلك فإن تحديد الهدف ووضوحه وعزم الحراك الثوري على إسقاط الجولاني وأمنيته، هو الذي سيحرر أولئك العبيد من شبح الخوف والحرص؛ ليدركوا أن هذا الطاغية يحتمي بعبائتهم، ويخشى صيحة واحدة منهم؛ ليسقط مغشياً عليه. وليعلموا أيضاً أن المكتسبات الحقيقة التي تليق بهم كرجال أحرار هي المكتسبات التي يرعها أهلها من حاضنة الثوار برأيهم وإرادتهم، وليس بإملاءات خارجية أجنبية، ونفوس طماعة شحيحة، كما هو حالهم مع الجولاني الآن…

فيا جنود الهيئة، ويا شيوخ العشائر، ويا كُتَّاب المبادرات، لقد قال الحراك الثوري كلمته: “يسقط الجولاني، تسقط الأمنيات”. فإذا كانت لكم نفوساً كراماً وقلوباً تخشى الله، فإن صيحة واحدة منكم، ونهضة صالحة من سواعدكم، تنهي أمر الظالمين والماكرين، فلا تعطوهم مزيد وقت، فهو وقت يضيع من عمر ثورتكم، وهو وقت يطيل بعمر نظام الأسد، وتستمر كارثة حرق البلد…

أيها الأخيار، إن تحديد الهدف ووضوحه من الجميع، وعزم الجميع على إسقاط الجولاني وأمنيته هو الخير للجميع، وهو الأمن والأمان للجميع، وفيه نهاية الخوف والحرمان للجميع، فلا تتأخروا بارك الله بكم، وكونوا عوناً لأهلكم وحاضنتكم رحمكم الله. وأختم بقوله تعالى: ﴿فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُۥ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّلِمُونَ﴾، والحمد لله رب العالمين.

محمد صالح/ اللجنة السياسية للحراك الثوري- ثوار 2011

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى