لا يزال الحديث متصلًا بـ«خصائص الأدب الإسلامي»، فقد تحدثنا في الحلقتين السابقتين – في إسهاب وتفصيل – عن خصيصتين بارزتين من خصائص الأدب الإسلامي،
وفي هذه الحلقة نتحدث عنها في نقاط موجزة، ونلقي نظرة عامة على الخصائص، مستفيدين من كتابات كبار الأدباء.
خصائص الأدب الإسلامي في نقاط موجزة
لخص الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز خصائص الأدب الإسلامي مركزًا على نقاط تجدر بالاهتمام، يقول:
أ- إنه أدب هادف، ويلخص هذا الهدف في ترسيخ الإيمان بالله عز وجل في الصدور، وتأصيل القيم الفاضلة في النفوس.
ب- إنه أدب ملتزم بالإسلام وقيمه وتصوراته، ومتقيد بمبادئه ومثله وغاياته.
ج- إنه أدب أصيل، وتتجلى هذه الأصالة في اعتماد الأديب على الأصيل من خصائص أمته.
د- إنه أدب مستقل باستقلاله عن تأثير الآداب الأخرى التي تجافي الإسلام.
ھ- إنه أدب متكامل متآزر المضمون مع الشكل.
و- إنه أدب فعال ومؤثر بإبداع الأديب المسلم بفتح قلبه للإسلام ومعايشته لأفراح المسلمين وأتراحهم. (١)
نظرة عامة على مزايا بارزة للأدب الإسلامي
إن الأدب الإسلامي لسان الأنبياء والحكماء والمفكرين والبلغاء.. ولغة كتاب السماء الخالد: القرآن الكريم، الذي جاء في أعلى الفصاحة والبلاغة والأدب، وفي أعظم قمم البيان والجلال.
والأدب الإسلامي لسان الدعاة والقادة والخطباء، وهو لغة الزعماء في قيادة أممهم، وكلام الفصحاء والمفكرين في شرح مذاهبهم وآرائهم للناس،
ولسان الدعوة إلى الله وإلى الدين الحق والصراط المستقيم، وهو بلاغةُ الدعاة والصوت المجلجل في آذان السامعين والبيان المؤثر في عقول وقلوب المسترشدين.
والأدب الإسلامي كلام بليغ يؤثر في العواطف والمشاعر، وينطق بالخبرة والتجربة والحكمة، ويكتبه الكاتب ترجمانًا لما في نفسه، وتبيينًا لخواطره، وعواطفه، وما يجيش في فكره من معان وأفكار..
وما إن جاء الإسلام حتى صار الأدب يعمل على تربية الخلق، وتهذيب النفس بآداب الإسلام، وجمع الناس على مائدة القرآن.
إن الأدب الإسلامي هو التعبير البليغ الموقظ للعواطف السامية في الإنسان، والمعبر عن أحلام الفرد وآماله وأشواق روحه،
وعن مشاعره النبيلة وخواطره المهذبة، وه ونفسه وصف الطفولة، والحديث عن الوطن، والعواطف الإنسانية العالية والتعبير عنها،
فقد رسم لوحات بيانية جميلة للحياة الطبيعية، وتناول الحديث عن لحظات السعادة الغامرة في حياة الإنسان،
وانتماء الإنسان المسلم إلى ربه ودينه، ورسوله وكتابه الحكيم ولأمته ووطنه ومجتمعه،
كل ذلك هو الأدب الإسلامي الذي ينطلق من روح الإسلام، ويعبر عن نشوة الشعور الإنساني في قلب المؤمن.
الأدب الإسلامي هو النشيد الخالد الذي يترنم به الإنسان متبتلًا في محراب الجلال والجمال والوجود والطبيعة،
إنه الحلم المصور لماضي الإنسان عن كل مشاعره وعواطفه وتجاربه.
والنموذج الأعظم أمام الجميع هو كتاب الله الحكيم: القرآن الكريم، معجزة السماء ورسالة الأنبياء، إنه أرفع نموذج للأدب الإسلامي لا شابهه بيان، ولا تضارعه بلاغة..
إننا نعني بالأدب الإسلامي أدب انتماء الإنسان لله والدين وللرسول وللإنسانية، إنه الإبداع الأدبي الرفيع الذي لا تعلق به شوائب النفس والهوى والغريزة،
وما يبدعه الأدباء الإسلاميون منذ عصر الرسالة وإلى اليوم في شتى الأغراض النبيلة هو صميم الأدب الإسلامي شعرًا أم نثرًا.
الأدب الإسلامي.. ورسالة الإسلام
إن الأدب الإسلامي يحمل على كاهله رسالة الإسلام والدعوة الإسلامية في قوة وشموخ وصمود إلى العالم كله،
كما حملها محمد إقبال في دعوته لغد مشرق للإسلام وحضارته، وشعوبه، والعقيدة الإسلامية هي الجوهر الثمين في الأدب الإسلامي الرفيع،
وهي العقيدة الطاهرة التي تجعلنا جديرين بأن يكون كل فرد منا خليفة لله في الأرض حفاظًا على المنهج الإسلامي ومبادئه وغاياته،
ودعوة إلى هذا المنهج إلى الطهارة النفسية، وفضائل الأخلاق، وأشرف الغايات، وأنبل الأعمال:
إلى العدل والأمانة والعفة، إلى طاعة الله ورسوله، وحب الله ورسوله، وكتابه الحكيم، إن الغرب يكره الإسلام وما يسمى بالأدب الإسلامي،
ولكن سيبقى الإسلام وأدبه مهما كره الكارهون..
والحاجة ماسة إلى قيام إعلام إسلامي رفيع المستوى، طاهر الوسائل، نبيل الغاية، عن طريق الصحافة والكتاب والإذاعة المرئية والمسموعة، وأن يكون الأدب الإسلامي هو لسان هذا الإعلام النبيل. (٢)
(يتبع)
الهوامش:
(١) جريدة (الندوة) اليومية، السعودية، العدد…..
(٢) بتعديل من مقال للدكتور محمد خفاجي، نشر في جريدة (العالم الإسلامي) العدد ١٨٧١.
(ليلة الأربعاء: ١٠ من جمادى الأولى ١٤٤٦ھ – ١٢ من نوفمبر ٢٠٢٤ م)