أبرز محسن المندلاوي، القائم بأعمال رئيس مجلس النواب العراقي، مؤخرًا تراجع نفوذ النظام الإيراني في المنطقة. وفي مقابلة مع رويترز، أكد المندلاوي على ضرورة تقييد حيازة الأسلحة للحكومة العراقية، مما يمثل خطوة مهمة في الحد من نفوذ الميليشيات المدعومة من إيران.
وقال المندلاوي: “إن تقييد الأسلحة للحكومة أمر مهم، وآمل أن يتم تنفيذه”. وأقر بأن إقناع الجماعات المتحالفة مع النظام الإيراني بنزع السلاح سيستغرق وقتًا، لكنه أعرب عن تفاؤله، مشيرًا إلى أولويات العراق المتغيرة وتركيزه على التنمية الاقتصادية.
المندلاوي، عضو إطار التنسيق الشيعي العراقي (CF) – وهو تحالف من السياسيين البارزين الذين تربطهم علاقات وثيقة بإيران – هو واحد من العديد من القادة العراقيين الذين يدعون إلى الحد من التدخل الخارجي. وتأتي تصريحاته في وقت تكثفت فيه الدعوات إلى تقليص نفوذ الجماعات التابعة لإيران في العراق، وخاصة بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
إعادة توجيه الدبلوماسية العراقية
أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في 16 يناير 2025، أن بغداد تسعى إلى تعزيز العلاقات مع واشنطن في ظل رئاسة ترامب. وأشار حسين أيضًا إلى أن الحكومة العراقية تعمل بنشاط لإقناع الجماعات المسلحة المدعومة من إيران بإلقاء أسلحتها، مما يشير إلى تحول محتمل في ديناميكيات العراق الداخلية.
وأكد المندلاوي على المشهد الإقليمي المتغير، قائلاً: “لا أعتقد أن إضعاف إيران سيكون له تأثير سلبي على العراق. لقد تولى العراق تدريجيًا دوره الطبيعي بين الدول العربية. في حين أن إيران جارة نشاركها روابط تاريخية، فإن موقعنا الجغرافي وعلاقاتنا مع الدول العربية هي قضايا مستقلة”.
وتأتي إعادة التوجيه الدبلوماسي هذه في الوقت الذي يسعى فيه العراق إلى الاستقرار وإعادة الإعمار بعد سنوات من الصراع، بهدف منع المزيد من الاضطراب وتعزيز سيادته.
النظام الإيراني يواجه تحديات متزايدة
يواجه النظام الإيراني تحديات متعددة، على المستويين الإقليمي والمحلي. ونقلت صحيفة التلغراف عن مصادر مطلعة أن طهران أصدرت تعليمات لمجموعاتها التابعة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط بتوخي الحذر في ضوء سياسات إدارة ترامب الجديدة. وقد صدرت أوامر لقادة الميليشيات المدعومة من إيران بتجنب الأعمال التي قد يُنظر إليها على أنها استفزازية من قبل الولايات المتحدة أو حلفائها. ويشمل هذا الامتناع عن استخدام الأسلحة المصنوعة في إيران في أي اشتباكات محتملة.
وفي العراق واليمن، صدرت توجيهات صريحة لهذه المجموعات بالحفاظ على مواقع دفاعية وتجنب استهداف القوات الأميركية. ويعكس النهج الحذر للنظام الإيراني موقفه الضعيف في أعقاب الانتكاسات الكبيرة، بما في ذلك الخسائر الفادحة التي تكبدها حزب الله وانهيار حليفه الرئيسي بشار الأسد في سوريا. وقد أدى سقوط الأسد إلى تعطيل طرق تهريب الأسلحة لطهران وعمق المخاوف بشأن قدرة النظام على الحفاظ على نفوذه الإقليمي.
الضعف المحلي والتعديلات الاستراتيجية
على الصعيد المحلي، يواجه النظام الإيراني أدنى مستوى من الشرعية منذ ثورة 1979، وخاصة بعد الاحتجاجات الواسعة النطاق في عام 2022. وردًا على المخاوف من الهجمات العسكرية المحتملة، سارعت طهران إلى المفاوضات مع روسيا للحصول على نظام الدفاع الجوي S-400. وفي الوقت نفسه، خفف المسؤولون الإيرانيون من خطابهم بشأن الانتقام المحتمل ضد إسرائيل، وخاصة ردًا على الضربات الإسرائيلية على المواقع العسكرية الإيرانية.
وعلى الرغم من هذه التعديلات، لا يزال كبار المسؤولين الإيرانيين منقسمين حول كيفية التعامل مع الواقع الجيوسياسي الجديد. حذر إسماعيل الخطيب، وزير الاستخبارات الإيراني، من الدخول في مفاوضات مع إدارة ترامب، بحجة أن مثل هذه المحادثات قد تكون ضارة بطهران. في غضون ذلك، تعكس وسائل الإعلام المملوكة للدولة هذا الانقسام، حيث تدعو الفصائل الإصلاحية المزعومة إلى الفرص الدبلوماسية بينما ترفض المنشورات المتشددة أي تفاعل مع الولايات المتحدة.
الطريق أمام النظام الإيراني
يشير المحللون إلى أن علي خامنئي، المرشد الأعلى للنظام الإيراني، يواجه أربع سنوات صعبة. يجب عليه أن يقرر ما إذا كان سيرفع الحظر المفروض على المفاوضات مع واشنطن أو يخاطر بمواجهة شاملة مع الولايات المتحدة وسط اضطرابات محلية متزايدة وعزلة دولية. قد تؤدي نتيجة هذا القرار إلى إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في المنطقة.
مع سعي العراق إلى تحقيق هدفه نحو السيادة وإعادة الإعمار، ومع صراع النظام الإيراني مع نفوذه المتضائل، يجد الشرق الأوسط نفسه في لحظة محورية. ومن المرجح أن يحدد التفاعل بين هذه الديناميكيات مسار المنطقة في السنوات القادمة.