محمود حكميان يكتب: تصاعد الاحتجاجات ضد الفقر والفساد في إيران

تشهد إيران موجة جديدة من الاحتجاجات تعكس تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. فقد نزلت شرائح كبيرة من المجتمع، بما في ذلك العمال والطلاب والمتقاعدون، إلى الشوارع لرفض السياسات الاقتصادية الفاشلة للنظام، والتي أدت إلى انتشار الفقر والتضخم غير المسبوق والفساد المؤسسي الذي يواصل نهب ثروات الأمة. وبينما يكافح المواطنون مع تدهور الظروف المعيشية، يواصل النظام تحويل الموارد الوطنية إلى أجهزته الأمنية القمعية ومشاريعه العسكرية الإقليمية، مما يؤدي إلى تعميق الأزمة الداخلية.
متقاعدو الاتصالات يقودون الاحتجاجات ضد نهب معاشاتهم التقاعدية
كانت إحدى أبرز المجموعات المحتجة اليوم هي موظفو الاتصالات المتقاعدون، الذين نزلوا إلى الشوارع في مدن متعددة للتنديد باختلاس النظام لصناديق معاشاتهم التقاعدية. لقد كان غضبهم موجها نحو الكيانات التي سيطرت على مدخراتهم التقاعدية، حيث هتف المتظاهرون ضد الفساد وسوء الإدارة الحكومية.
في العاصمة، نظم عمال الاتصالات المتقاعدون مسيرة احتجاجية ضد النهب المنهجي لمعاشاتهم التقاعدية. وهتفوا: “عدونا هنا؛ يكذبون ويقولون إنها أمريكا!” – ردًا مباشرًا على الرواية القديمة للنظام بأن العقوبات الخارجية والأعداء الأجانب مسؤولون عن المشاكل الاقتصادية في إيران. وأوضح المتظاهرون أن مظالمهم الحقيقية تنبع من الفساد الداخلي ونهب الأموال العامة من قبل المؤسسات الخاضعة لسيطرة المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي.
وفي الأحواز، وعلى الرغم من الوجود الأمني القوي والعقبات القانونية، سار موظفو الاتصالات المتقاعدون احتجاجًا، وأظهروا تصميمهم على المطالبة بحقوقهم. لم يردعهم وجود قوات الشرطة بل غذى تصميمهم على تحدي نهب صناديق معاشاتهم التقاعدية.
وفي أصفهان، تجمع المتقاعدون أمام مكاتب الاتصالات، معربين عن رفضهم للتمييز الاقتصادي والفساد، مطالبين بإعادة معاشاتهم التقاعدية المسروقة.
وفي كرمانشاه، حمل المتظاهرون لافتات تندد بالمؤسسات المسؤولة عن نهب أموالهم. وأكدوا أن حقوقهم غير قابلة للتفاوض وحذروا من أن استمرار الفساد من شأنه أن يؤدي إلى مظاهرات أكبر.
وفي تبريز وبيجار، تجمع المتقاعدون للمطالبة بحقوقهم المسروقة، موجهين غضبهم إلى هيئة تنفيذ أمر الإمام الخميني (EIKO) ومؤسسة التعاون التابعة للحرس الثوري، وهما كيانان استوليا على السيطرة على صناديق معاشاتهم التقاعدية.
وفي رشت، كان إحباط المتظاهرين واضحا في شعاراتهم، حيث هتفوا: “لم نر أي عدالة، فقط أكاذيب!” – في إشارة إلى الوعود الفارغة التي قطعها مسؤولو النظام مرارا وتكرارا دون أي تحسن حقيقي في وضعهم.
في سنندج وزنجان، أعلن المتظاهرون أن فساد النظام ونهب صناديق التقاعد كانا السبب الرئيسي لتدهور أوضاعهم، موجهين غضبهم نحو المؤسسات التي تسيطر على قطاع الاتصالات.
نهب صناديق التقاعد: دور مؤسسة تنفيذ أمر الإمام الخميني ومؤسسة التعاون التابعة للحرس الثوري الإيراني
إن غضب المتقاعدين مدفوع في المقام الأول بالنهب المنهجي لصناديق معاشاتهم التقاعدية من قبل مؤسستين رئيسيتين تحت سيطرة خامنئي:
مؤسسة تنفيذ أمر الإمام الخميني (مؤسسة تنفيذ أمر الإمام الخميني): تأسست في الأصل بعد ثورة 1979 لمصادرة أصول معارضي النظام، وتحولت هذه الكيان إلى إمبراطورية مالية ضخمة تسيطر على قطاعات رئيسية من الاقتصاد الإيراني، بما في ذلك الاتصالات. تستثمر أموال المتقاعدين دون تزويدهم بمعاشاتهم التقاعدية المستحقة.
مؤسسة التعاون التابعة للحرس الثوري الإيراني: تعمل هذه المنظمة كذراع مالية للحرس الثوري الإيراني، حيث تسيطر على الشركات الكبرى، بما في ذلك الاتصالات، وتحول الأرباح نحو القمع المحلي وتمويل الميليشيات في الخارج.
احتجاجات أخرى في قطاعات مختلفة
لليوم الثالث على التوالي، واصل الطلاب في جامعة طهران مظاهراتهم ضد إهمال قوات الأمن في قضية زميلهم الطالب أمير محمد خالقي، الذي قُتل في ظروف مريبة. وسار الطلاب في كلية الآداب احتجاجًا، متهمين النظام بالفشل في حماية الطلاب بينما يفرض بقوة قيودًا شخصية مثل قوانين الحجاب الإلزامي.
منذ يوم السبت، أضرب العمال في مصنع بروجرد للنسيج بعد أن رفضت الإدارة دفع أجورهم المتأخرة لأكثر من ثلاثة أشهر. بالإضافة إلى ذلك، تم تعليق التأمين الصحي لهم، مما تركهم وأسرهم بدون إمكانية الوصول إلى الخدمات الطبية الأساسية.
التحليل: الاحتجاجات على وشك الانفجار
تكشف هذه الاحتجاجات أن النظام الإيراني يكافح بشكل متزايد لاحتواء الغضب العام على الرغم من حملاته الأمنية والترهيب القانوني. يشير المشاركة المتزايدة للمجموعات الاجتماعية المتنوعة إلى أن النظام يواجه أزمة غير مسبوقة – وهي أزمة اعترف بها حتى بعض مسؤوليه.
وحذر أحد المحللين الأمنيين داخل النظام مؤخرًا: “شوارع إيران غارقة في البنزين؛ أي شرارة يمكن أن تشعلها في أي لحظة”.
إن استمرار الاحتجاجات وتوسعها في مدن متعددة يشير إلى أن الشعب الإيراني أدرك أن الطريقة الوحيدة لاستعادة حقوقه هي من خلال المظاهرات الحاشدة. لم يعد هناك أي أمل في الإصلاح الداخلي داخل النظام. مع كل احتجاج جديد، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الناس ليسوا على استعداد للاستسلام – وأن المعركة بين الشعب والنظام تتجه نحو مواجهة حاسمة.