مقالات

مختار محمود يكتب: صورة «الشعراوي»!

تزعجهم صورة الشيخ محمد متولي الشعراوي -رحمه الله تعالى- على زجاج السيارات والحافلات والشاحنات وعلى الجدران، كما يزعجهم صوته في المصاعد.. يا للهول!!

 غيَّب الموت جسد إمام الدعاة إلى الله منذ 27 عامًا، ولكن عموم المصريين لم ينسوَه، فاحتفوَا به بطريقتهم. هذا استفتاء شعبي عظيم لم يحظَ به عالِم أو مُحدث أو مُفسر، وما أكثرَهم.

 «الشعراوي» ليس حاضرًا فقط عبر صوره على المركبات والجدران، ولا من خلال أدعية مسجلة بالأسانسيرات، ولكنه ذو حضور طاغٍ في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، المحلية والعربية، بأحاديثه وخواطره حول القرآن الكريم.

 «الشعراوي» كان رجلاً يقول: «ربي الله». إمام الدعاة إلى الله كان يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة. لم يكن –غفر الله تعالى له ولنا- داعية عنف أو إرهاب أو تشدد. وما كان يحصد كل هذه المحبة لولا أن أسوياء البشر صدقوه واقتنعوا بكلامه وخواطره واجتهاداته.

ورغم كل ما قد تقدم وسلف إلا إن هذه المحبة توغر صدورًا استوطنها الغل، وقلوبًا سكنتها الكراهية من أناس يكرهون كل ما يمتُّ للإسلام بصلة. كان يؤرقهم التفاف الناس من حوله في حياته، الآن تستفزهم سيرته الخالدة، وتزعجهم ذكراه الطيبة. حرَّضوا من قبل على إلغاء بث خواطره حول القرآن الكريم في وسائل الإعلام المختلفة ففشلوا، والآن يطالبون باستصدار قانون يمنع نشر صوره وتداولها؛ لأنها تعكر صفو حياتهم، وتفسد مزاجهم، وتصيب بطونهم بـ«التلبك المعوي الحاد»، ولن يُجيبهم أحد!

أحد كبرائهم، وهو بالمناسبة صاحب أقصر حقبة وزارية في السنوات الأخيرة، لم يكن يترك حوارًا أو مداخلة أو مناسبة دون أن يغمز في العالم الجليل بعد وفاته، وكان يتهمه بما ليس فيه، ويصمه بما لم يفعل، وسرعان ما تدور الأيام دورتها ويرحل هذا الأثيم قبل أعوام قليلة جدًا، وماتت معه ذكراه الخاملة، فلا يكاد أحد يذكره. ورغم أن «الشعراوي» ترك الوزارة طواعية، فإن هذا الحاسد الحاقد الغليل اعتصم بمكتبه عند إقالته؛ رافضًا المغادرة، وطالبًا البقاء، في مشهد هزلي ساخر!!

 هم لا يستوعبون أنهم أورام خبيثة في الثقافة المصرية، وأن وجودهم غير مرغوب فيه، وأنهم عبء ثقيل على الحياة، وأن سمومهم الزاعقة عديمة الأثر ومنتهية الصلاحية، وأن معظم المصريين مُحصنون ضدها.

ربما أخفق «الشعراوي» في رأي، أو تسرَّع في حكم، أو تعجَّل في موقف، ولكن هذا لا يخصم أبدًا من رصيده الهائل، ولا ينال من مكانته العظيمة، ولا يجرح مسيرته الخالدة، فموتوا بغيظكم.

مختار محمود البرعي

كاتب صحفي وباحث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى