تستعد الحكومة المصرية لإبرام واحدة من أكبر الصفقات في تاريخ وارداتها من الغاز الطبيعي المسال، لتفادي أزمة انقطاع التيار الكهربائي خلال فصل الصيف.
وتخطط الحكومة للتعاقد مع ما يصل إلى ست شركات طاقة عالمية لتوريد أكثر من 160 شحنة حتى يونيو 2026 بحسب مصادر مطلعة على سير المفاوضات.
وتمثل هذه الصفقات طويلة الأجل خطوة استباقية لتفادي سيناريو تكرار انقطاعات الكهرباء أو اللجوء إلى السوق الفورية، التي وصل فيها سعر الغاز إلى أكثر من 15 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في فترات الذروة الأخيرة، مقارنة بـ 8–10 دولارات في العقود طويلة الأجل.
إلا أن هذه الخطوة قد تزيد من أعباء الموازنة العامة، خصوصاً مع استمرار الضغوط على الجنيه المصري وارتفاع فاتورة الواردات عموما.
وتتضمن القائمة الأولية للشركات، في 5 يونيو الجاري: شركة أرامكو السعودية، وترافيجورا السنغافورية وفيتول الهولندية، وهارتري بارتنرز LP الأميركية، وBGN السويسرية، بالإضافة إلى موردين لم يُفصح عن أسمائهم.
وامتنعت بعض الشركات المعنية عن التعليق على سير المفاوضات، حيث رفضت كل من فيتول وهارتري الإدلاء بأي تصريحات، في حين لم ترد أرامكو وترافيجورا وBGN على استفسارات بلومبيرغ حتى وقت نشر التقرير، وذلك نظرا لتزامن فترة العيد وغياب مسؤولي وزارة البترول عن المكاتب الرسمية.
وقد تلقت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) نحو 14 عرضا لتوريد الغاز لفترات تمتد بين 18 شهرا و3 سنوات، مما يكشف عن اهتمام واسع من السوق الدولية بالانخراط في ملف الغاز المصري، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وتنامي العجز المحلي.
وكانت مصر حتى عام 2022 واحدة من الدول القليلة في المنطقة التي تمتلك فائضا تصديريا في الغاز المسال، مستفيدة من حقل “ظهر” العملاق، لكن منذ الربع الثالث من عام 2023، سجل الإنتاج المحلي انخفاضا إلى متوسط 4.4 مليارات قدم مكعبة يوميا، في مقابل احتياجات محلية تتجاوز 6.2 مليارات قدم مكعبة يومياً، ما ولد فجوة تقدر بـ 1.8 مليار قدم مكعبة يومياً، وفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة البترول المصرية ومؤسسة “إنرجي إنتليجنس”.
ودفع هذا الانخفاض الحكومة إلى تقليص صادرات الغاز المسال، خاصة عبر مصنع إدكو، الذي سجل تراجعاً في عدد الشحنات بنحو 35% مقارنة بعام 2022، حسب إحصاءات منصة “كبلر” لتتبع الشحنات.
كما تزامن ذلك مع تضاعف استهلاك الكهرباء نتيجة موجات الحر الشديدة، وتزايد استخدام التكييفات، ما رفع الاستهلاك المنزلي والصناعي على حد سواء.