الأثنين أبريل 29, 2024
مقالات

مصطفى عبد السلام يكتب: عن كلفة الضربة الإيرانية لإسرائيل

حدثت الضربة الإيرانية لإسرائيل والتي سبقها تخمينات وتوقعات كثيرة تصب معظمها تجاه التشكيك في تحققها.

قال المشككون إن الضربة لن تحدث أبداً قياساً على حالات سابقة منها التهديدات التي أعقبت اغتيال قاسم سليماني، وإذا أتت فإنها ستكون تمثيلية يتم الاتفاق فيها مع الولايات المتحدة وإسرائيل على كل فصولها، بداية من تحديد موعد الضربة والأهداف والأسلحة المستخدمة ومواعيد الانطلاق وصفارة النهاية. هكذا كانت تتحدث تلك الأصوات.

على كل جاءت الضربة الإيرانية لإسرائيل ليلة السبت، ومعها شهدت المنطقة ساعات عصيبة، وحضرت تداعيات اقتصادية سريعة من الممكن أن تؤثر على منطقة الشرق الأوسط بالكامل.

بل ربما تمتد إلى الاقتصاد العالمي وأسواق المال، في حال تكرار الضربة وزيادة منسوب المخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وامتداد التأثيرات إلى أسواق النفط والغاز والذهب وأسواق السلع الرئيسية والمواد الخام.

أسفرت الضربة عن حدوث تداعيات اقتصادية قصيرة الأجل منها إغلاق العديد من دول المنطقة مجالها الجوي، وتعليق شركات طيران كبرى رحلاتها لدولة الاحتلال وإيران وغيرها عامة، وإغلاق إيران مطاراتها الرئيسية.

وكذا حدوث تراجع ملحوظ وبصورة جماعية في البورصات الخليجية عند بداية التداول تأثراً بزيادة المخاطر الجيوسياسية في المنطقة، واحتمال توسع رقعة المواجهة في حال رد إسرائيل على إيران وانضمام الولايات المتحدة إلى تل أبيب في الرد.

امتدت التأثيرات إلى سوق العملات الرقمية، فقد انعكست الضربة الإيرانية على سعر عملة بيتكوين التي تراجعت بنسبة 7.7% مرة واحدة.

وخسرت العملات المشفرة خلال تداولات الجمعة والسبت نحو 1.5 مليار دولار، وهي واحدة من أعنف عمليات البيع خلال ستة أشهر على الأقل.

لكن أكثر التداعيات قصيرة المدى شاهدناها أمس في ما أعلنته دولة الاحتلال من أن تكلفة الدفاع الإسرائيلي ليلة الهجوم الصاروخي الإيراني بلغت خمسة مليارات شيكل، أي ما يعادل 1.35 مليار دولار.

وتأكيد المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري، إطلاق نحو 350 صاروخاً وطائرة مسيرة من إيران على إسرائيل، وحدوث ضرر طفيف في قاعدة «نيفاتيم» الجوية في بئر السبع (جنوب).

في حين تحدثت طهران عن خسائر أخرى، منها مثلاً استهداف القوات الإيرانية قاعدة جوية إسرائيلية في النقب باستخدام صواريخ «خيبر»، وتدمير موقعين عسكريين إسرائيليين مهمّين وفق تصريحات قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي الذي أكد أن الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية تمكنت من عبور الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

السؤال، هل ستقف تداعيات الضربة الإيرانية عند هذا الحد المحسوب والمقبول من أطراف عدة حتى الآن، أم تتطور للأسوأ؟

لا أحد يعرف، لأن الإجابة تتوقف على الساعات المقبلة ومدى توجيه تل أبيب وحلفائها الغربيين ضربات جديدة إلى إيران، أو معاودة طهران توجيه ضربات أخرى إلى دولة الاحتلال، وإطلاق شرارة حرب إقليمية.

لأن هذا التطور سيدفع أسعار النفط والغاز إلى زيادات ربما قياسية، وهذا ما يؤثر سلباً ليس على اقتصادات دول المنطقة فحسب، بل على الاقتصاد العالمي، خاصة من جهة زيادة معدل التضخم وإعطاء مبرر آخر للبنوك المركزية العالمية لتأخير قرار خفض سعر الفائدة وإطلاق موجة التيسير النقدي.

كما أن أسعار النفط قد ترتفع بأكثر من 15 دولاراً بعد الهجوم الإيراني لتصل إلى أكثر من 100 دولار، وهو أمر يرهق الاقتصاد العالمي واقتصادات دول المنطقة التي تستورد الوقود بمليارات الدولارات سنوياً.

على العموم، زيادة القلاقل السياسية سيؤثر سلباً على اقتصادات دول المنطقة من حيت تعطل وصول الوفود السياحية والاستثمارات الأجنبية سواء الساخنة أو المباشرة، وتأثر حركة السياحة في شرم الشيخ وسيناء ومدن عربية أخرى في لبنان والأردن وغيرها.

وقد تمتد تلك التأثيرات إلى قناة السويس أهم ممر ملاحي في العالم، وهو ما يرفع كلفة التجارة الدولية، خاصة إذا ما صاحب ذلك التطور حدوث تصعيد من الحوثيين في البحر الأحمر.

Please follow and like us:
مصطفى عبد السلام
كاتب صحفي مصري، وخبير اقتصادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب