هبة زكريا تكتب: لحظات في بيت أبو العبد هنية
هكذا كان القائد.. يأتيه نبأ استشهاد أبناءه وأحفاده على الهواء مباشرة خلال جولة لتفقد المصابين فلا يزيد عن قوله (الله يسهل عليهم) ويكمل جولته.. وعندما تزوره وأسرته لتقدم واجب العزاء تجد بيتهم عامرا بأطفال وأسر الشهداء .. يعرفهم بأسماءهم وأعمارهم وأشكالهم ودراستهم ومن تزوج منهم ومن لم يتزوج.. يقول لزوجة شهيد عن ابنها الطفل كم يشبه جدته.. ويتحدث كأب لشابة استشهدت عائلتها جميعا عن ظروفها ويتعهد بالبحث عن زوج مناسب لها ..
بملابسه البسيطة وابتسامته الطيبة يدخل على زوجته مبتسما ومطمئناً على حالها بكل رقة وود.. قبل أن يلقي السلام على الحاضرات جميعا في مجلسها والتي جاءت كل منهن بطلب تنتظر من القائد والأب وكبير العائلة أن يسعى في تنفيذه. نتبادل أطراف الحديث مع أم العبد عن خنساء فلسطين أم نضال وذكرياتنا معها ومع أبناءها وخاصة الشهيد وسام أبوحسين وكيف كان قائداً مهابا لكتيبة الشجاعية وفي نفس الوقت ينحني ليلبس أمه الحذاء أمام الوفود أو يصطحب زوجته للكوافير ويبقى منتظرا على الباب لتلبية أي طلب يحتاجونه ويتواصل معي من وقت لآخر يسأل على دراستي وعملي وأهلي وزوجي ويتابع كل خطوة في حياتي كأخ لم تلده أمي وفي كل زيارة يتفرغ فقط لمرافقتي في جولاتي بغزة كأنه لا شيء يشغله إلا ضيفتهم اللحوحة .. فتجيب أم العبد (هكذا أبوالعبد ) بالضبط..
نعم هكذا أبو العبد وأبو حسين وأبو الحسن (الشهيد إسماعيل أبو شنب) وهكذا الرنتيسي ..
هكذا يعيش القادة لأهلهم ولشعوبهم ولأمتهم..
فواحسرتاه على أمة لم تكن لقادتها كما كانوا لها
وإنا لله وإنا إليه راجعون